نبيل محمد سمارة
في وقتٍ تُسفك فيه دماء الأبرياء في غزة وتئنّ الأرض من الجوع والحصار، تقف الأمة الإسلامية متفرقة، ضعيفة، تائهة بين مصالح الأنظمة ومخاوف الكراسي. تُذبح غزة على مرأى ومسمع من الجميع، لا ماء، لا دواء، لا طحين، والمجازر لا تتوقف، بينما العواصم العربية تكتفي بالشجب البارد أو الصمت المهين، وكأن غزة خارج حدود الجغرافيا أو الدين أو الضمير.
إن المجاعة التي تضرب غزة اليوم ليست كارثة إنسانية فقط، بل فضيحة أخلاقية للأمة بأسرها. الأمة التي يفترض أن تكون جسدًا واحدًا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى، أصبحت تتفرج على طفل يموت من الجوع وآخر يلفظ أنفاسه تحت الأنقاض، دون أن يتحرك فيها ساكن.
وللأسف، فإن بعض رجال الدين – وهم من يفترض أنهم ضمير الأمة – ما زالوا منشغلين بالولاء للأنظمة، يقدمون الطاعة للحاكم على حساب الحق، يبررون الجمود، ويغضّون الطرف عن الظلم، بحججٍ واهية تسقط أمام دمعة أمّ فلسطينية فقدت أبناءها دفعة واحدة.
إن الأنظمة العربية – إلا ما ندر – لم تبالِ بمئات الشهداء في غزة، لم تهتم بموت الأطفال جوعًا، ولم تتحرك فعليًا لرفع الحصار أو وقف العدوان، بل بعضها شارك بالصمت، وبعضها بالتطبيع، وبعضها بالمزايدة الفارغة.
لذلك، فإن الحل ليس في انتظار قرار من الحكومات، بل في صحوة شعبية، وفي موقفٍ حاسم من العلماء والأحرار والشرفاء في كل بلد. يجب أن تنهض الأمة، أن تتوحّد قواها، أن تدعم غزة بالمال، والإغاثة، والضغط السياسي، والاحتجاج الشعبي، وأن ترفع الصوت عاليًا: كفى خذلانًا!
غزة ليست قضية إنسانية فحسب، بل قضية شرف، واختبار حقيقي لنبض هذه الأمة. وكل تأخير في نصرتها هو عار، وكل صمت هو خيانة.
غزة لا تحتاج دموعًا.. تحتاج مواقف. والأمة إذا لم توحدها دماء أطفال غزة، فمتى تتوحد؟
https://telegram.me/buratha
