عباس البخاتي.
تحتل هذه الثنائية حيزا واسعا من الانطباع العام لكثير من العراقيين خصوصا في العقود الثلاث الأخيرة من القرن الماضي.
عند الحديث عن تلك الرقعة الجغرافية من مساحة العراق يكون التصور السلبي حاضرا في وجدان السامع بعدما عملت الماكنة الإعلامية لنظام البعث على تأصيل النزعة المناطقية في تقييمها لابناء الشعب وتوزيع المكاسب ومنح الفرص بعيدا عن الاستحقاقات المعمول بها في الانظمة المتقدمة.
ولأن البعث عبارة عن فكر رجعي "وان ادعى محاربته للرجعية"، فقد ساهم بتفتيت النسيج الاجتماعي من حيث لايشعر، حيث مضى في حماقته لأبعد الحدود، اذ حاول تفضيل اهالي صلاح الدين عن سواهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الأولى، مما ساهم في التأسيس للانطباع السلبي من سكنة المدن الأخرى تجاه أبناء جلدتهم من تلك المحافظة.
وهذه نتيجة طبيعية فقد ورد في الأثر النهي الصريح عن مصاحبة الاحمق لانه سيظرك حين ينوي نفعك.
حيث دفع أغلب أبناء مدن صلاح الدين ثمن انتماءهم المناطقي، فليس كل من سكن تكريت هو ابن قرية العوجة او ينتمي لعشيرة صدام، لكن بالنتيجة هو افضل حالا من مواطني الدرجة ال.. خارج نطاق التصنيف من سكنة وسط وجنوب العراق او المدن الشمالية.
بعد التغيير بانت ملامح الكبت الذي عاشه اهالي مدن صلاح الدين بدليل اندماجهم بالواقع السياسي الجديد، بإستثناء اهالي قرية العوجة وبعض المتشددين هنا وهناك الذين لم يستوعبوا الصدمة، خصوصا بعد ان عثرت القوات الأمريكية على رمزهم القومي مختبئا في حفرة كانت معدة لهروبه من مواجهة قوات التحالف الدولي.
بعد انهيار الوضع الأمني عام 2014 واحتلال داعش لعدة مدن، كانت صلاح الدين هي الأسرع لحاقا بالموصل حيث استباحتها العصابات الإرهابية وهيمنت على عدد من الاقضية والنواحي هناك.
ردة الفعل الشعبية والرفض الجماهيري لداعش يؤكد إيمان اهالي صلاح الدين بالحياة وحرصهم على حماية أرضهم من الغرباء وفضحهم للحاضنة الاجتماعية التي آوت عناصر الإجرام الداعشي فقدمت خيرة رجالها فداء للارض والعرض، فكان الشهيد ناظم العاصي وأبو بكر السامرائي وراجي التكريتي رموزا للتضحية والإباء ولم يقتصر الأمر على الرجال بل كانت امية ال جبارة خير مثال لصمود المرأة العراقية لتحيي بموقفها المشرف صمود نساء الجنوب اللاتي وقفن بوجه البعث طيلة عقود حتى انتهى هذا الكفاح بهزيمة مذلة لإعتى طاغوت في العصر الحديث.
الحديث عن الاسماء والعناوين الوطنية في تكريت، لا يعني ان الفضيلة مقتصرة على اشخاص دون غيرهم فالواقع اثبت الشعور الجمعي الرافض للوجود الداعشي على هذه الأرض وفي صمود اهالي آمرلي والضلوعية وتضحيات اهالي بلد والدجيل وتعاون اهالي سامراء والعلم وبقية المناطق هناك، خير دليل على ان لمدينة تكريت وجه آخر غير الوجه الذي أراد صدام أن يصدره للاخرين عن صلاح الدين وأهلها الذين اتضح انهم لا يتشرفون بتبعيتهم لقرية العوجة ويخجلون من النهاية المذلة لرمزها المصطنع.
https://telegram.me/buratha
