المقالات

العرب بين التطبيع والحصانة الذاتية..!


  محمد علي السلطاني ||   لقد امتاز العرب بسمات فاضلة ميزتهم عن الغير ، فلاعجب ولا غرابة في ذلك ، اذ لكل امة عادات وصفات خاصة ، تشكل بمجموعها هويتها وشخصيتها الظاهرة . حيث انه بالإضافة الى الإسلام ، وما يحمله من منظومة حضارية قيمة وواسعة ، ساهمت بشكل مباشر في صياغة وانتاج شخصية الامة ، امتلك العرب ماضيأ مشرفأ غني بالعادات وصفات النبل المتجذرة ، حتى امست تلك الصفات والعادات محورأ تتمحور حولها الشخصية العربية ، ومصنعأ لأعادة صناعتها وانتاجها ، فصفات مثل الشجاعة والكرم والشرف والفروسية وغيرها ، هي محل تنافس وتفاخر بين افراد المجتمع ، لذا يحرص الجميع على اقتباسها والتحلي بها ، بالتالي تؤثر هذه القيم بشكل مباشر في  تفاصيل الواقع ، ولطالما شكلت هذه المنظومة القيمية حصنأ يقي الأمة من الثقافات الدخيلة ، وعنصر حماية ينهض ويستنهض ليحمي كيان الامة ووجودها عند حلول الخطر ، ولقد تجلى ذلك بوضوح بتجربة الحشد الشعبي لدى العراقيين العرب عندما هدد وجودهم الارهاب ، عندها استنهض الدين الامة بفتوى الجهاد ، الذي تفاعلت واستجابت المنظومة القيمية للأمة لها ، بصورة مبهرة منقطعة النظير ، فكان الحاصل من تفاعل العقيدة الدينية مع المنظومة القيمية في الامة ، رجالأ سطرو اروع الملاحم والبطولات في التاريخ المعاصر للعرب ، بالتالي كان ذلك التصدي ، اختبارأ ناجحأ ظهر فيه معدن الامة الأصيل في وقت المحنة ، واصاب مشروع الاعداء في مقتل . اليوم ، وفي خضم تهافت حكام الدول العربية على التطبيع مع الكيان الصهيونية المحتل ، لابد من اثارة بعض التساؤلات المشروعة ، مفادها ، هل ان الشعوب العربية ، لاتمتلك المناعة الذاتية ، المستندة الى التعاليم الاسلامية المتداخلة مع سمات المنظومة القيمية العربية الموروثة !؟ ام أن ثمة ضعف أو عطب اصابها وأنهى تأثيرها ؟ ولماذا هذه المناعة الذاتية، لازالت فعالة وبقوة لدى بعض الشعوب العربية مثل العراق واليمن ، في الحين ضعفت في دول وتلاشت في اخرى !؟ وللأجابة على هذا التساؤلات لابد لشئ من التحليل والتفصيل .  في البلدان العربية ، هناك ثلاثة مؤثرات رئيسية ، تؤثر في منظومة الحصانة والدفاع الذاتية للأمة لو صح التعبير ، وهي الدين والقابضين على السلطة والموروث القيمي ( السمات الأصيلة ) التي تطرقنا اليها انفأ ، فكلما صلحت هذه العوامل الثلاثة وتفاعلت فيما بينها ، كلما زادت المناعة وكان التأثير اكبر واوسع ، والعكس صحيح ، فمن الناحية الدينية، الإسلامية خصوصأ ، كون الغالبية العظمى من الشعوب العربية تدين بالإسلام ، تلعب ايديولوجية المذاهب الاسلامية وعقائدها  الدور الفصل في تحديد بوصلة الصراع مع إسرائيل ، فما بين مرجعيات الدين الشيعية والسنية بون شاسع  في التعاطي مع هذا الموضوع الحساس ، فهذه القضية تدخل في جوهر عقيدة المسلم وتكون حدأ فاصلأ بين الايمان  والنفاق .  ولقد حسمت المرجعيات الشيعية ومؤسساتها الأمر ، بفتاوى صريحة واضحة ، حرمت فيها التطبيع والتعامل مع العدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال ، اذ سرى تأثير تلك الفتاوى في الجسد العربي الشيعي من الأمة العربية سريان الدم في العروق ، وانبثق من ذلك الموقف حركات مقاومة نقلت الفتوى من الورق الى حيز التنفيذ ، وكان جنوب لبنان احد ابرز ميادينها  ، أضف لذلك تعتبر استقلالية المرجعيات الشيعية والمؤسسات الدينية التابعة لها عن السلطة ، احد اهم عناصر القوة والتأثير ، التي مكنتها من النهوض بواجباتها الشرعية جنبا لجنب مع المنظومة القيمية للأمة ، بعيدأ عن تأثير واملاءات  السلطة ، رغم ميول ورغبة الاخيرة للركوب في قطار التطبيع . فيما نلاحظ السكوت المطبق من المرجعيات السنية والمؤسسات الاسلامية التابعة لها !؟ فلاتسمع للأزهر ولا لدور الافتاء في الدول العربية حسيس ولا نجوى !؟ ناهيك عن ارتباطها وعائديتها للدولة ، بالتالي فقدت تلك المؤسسات التي تمثل المرجعية الدينية للشعوب العربية استقلاليتها ، و امست واحده من اهم  اجهزه الدولة، المرتبطة بالقابضين على السلطة واكثرها فعالية ، تضفي على خيانة وافعال المتصهينين من الحكام العرب  الشرعية ، وتجهد ساعية للتضليل على وعي الامة وبصيرتها  بأسم الدين والشريعة  .  بالنتيجة سقطت الشعوب العربية ، ضحية بيد حكام خونة ، ومؤسسات إسلامية مرتبطة بالسلطة وعائدة لها ، تمارس عليهم دور وعاظ السلاطين ، وبهذا فقدت الشعوب العربية اثنين من عناص التأثير  الثلاث ، وهما السلطة الوطنية التي لا تساوم على قضية الأمة المصيرية فلسطين ، والعنصر الاخر المتمثل بالمؤسسة الدينية المأمورة بأمر السلطة والتابعة لها ، ولم يبقى لدى الشعوب العربية سوى المنظومة القيمية ، فهل ستكون وحدها قادرة على استنهاض همة الأمة لؤد عار التطبيع ، هذا ماننتظر الاجابة العملية علية في الايام القادمة من الشعوب العربية التي أعلنت دولها التطبيع .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك