المقالات

ديمقراطية ماكدونالد ..!


جاسم محمد الصافي

هل أن الديمقراطية تعني تذويب الدكتاتورية الى وحدات صغير ؟ ام هي قناع لتمرير الرأسمالية العالمية ؟ ام هي شكل للعلاقة مابين الفرد والدولة في مجالس نيابية ؟ , ان مثل هذه الأسئلة وغيرها كانت وما زالت تطرح ونحن نعيش بحبوحة الديمقراطية ، لكن السؤال المهم من بين تلك الأسئلة هو , أن كانت هذه هي الديمقراطية بالفعل وهي هلامية ذات معنى مطاط فهل أن أغلبية الجماهير مؤمنة بها ؟ الجواب يكون سهل حتى وان أجرينا له استفتاء فأكيد أن للكل رأي يتجاوز ، ال نعم أو ال لا ....لأمر بسيط وهو أن الديمقراطية ليست كائن مادي يمكن أن ندرس أعضاءه ولا هي مصطلح علمي وليد اليوم لنعرف دقت تفسيره , صحيح أننا يمكن أن نحدده أبعاده في ( نوعية العلاقة التي ترتبط ما بين الفرد بالدولة ) وهذا التحديد ربما يبدو سطحيا , فهو مرتبط بموضوع الزمان والمكان اللذان نمت فيهما الديمقراطية , وهذا ما يظهر لنا أن مفهوم الديمقراطية مطاطي ومتغير ، وما يؤكد قولنا هذا هو أن العالم المتقدم لا يتفق حتى اليوم على دستورا واحد ، بل تختلف الدساتير بين تلك الدول كما تختلف بين ولاية وأخرا في الدولة الواحة , وهذا دليل على ان مفهوم الديمقراطي نسبي ، والحقيقة التي يتغاضى عنها الجميع اليوم هي أن السعي لتحقيق حرية الإنسان لا تأتي بتطبيق أقوال ونظريات مجنحة ومتعالية عن ارض الواقع ، لان الواقع شي والتنظير شيء أخر كما أثبتت تجربة التاريخ ، والأفضل للجماهير هو أن يعيشوا في ظل قوانين ناقصة ولكنها ملائمة لحاجتهم بدل أن يرغموا على قبول نظم كاملة ولكنها شاذة أمام مداركهم ،كما هو حال الديمقراطية الوليدة عندنا اليوم والتي أنزلت لنا بعملية عسكرية قيصرية من السماء , لكننا فظلنا ما تعودنا من عدسها وثومها وبصلها , لأن مطلب الحرية كما عرفناه لا يعطى بل يؤخذ ، بمعنى أن الحرية موجودة مع عضوية المجتمع ، تتقدم ...وتتأخر ...مع المعطيات والأحداث ووفق متطلبات المرحلة التي يمر بها كل مجتمع ، وهذا يعني أن حرية الإنسان ليست واحدة في كل مكان ولا في كل زمان ، بل هي متفاوت مع وعيهم وإمكانياتهم ومن المستحيل أن يتساوى هذا الوعي بين الجميع لا زمانيا ولا مكانيا ، لكن يمكن أن يتقارب هذا أن أردنا أن نكون منصفين بعض الشيء ، نقول عن الديمقراطية بأنها ذات مفهوم نسبي متعدد بين مريديها ، ولا اعلم بأي مقياس قيست الديمقراطية عندنا اليوم ، وكيف تناسبت مع وعينا ووزعت هكذا علينا بالمجان ، أن النسبية الديمقراطية هنا تنحسر في وجود تقاطع ما بين القمة الهرمية للسلطة وبين القاعدة النيابية الجماهيرية التي تحتاج الى حزب يقنن وينظم مطالبها ، حتى انه شاع عن النظام النيابي بأنه لا يتسنى له التطبيق بغير أحزاب سياسية تتشكل وتتكتل كقوى في سبيل الوصول الى السلطة , إما القمة التي تركز فيها السلطة فهي تغري بالاستبداد , حيث يقول ميكافيللي , ان الانسان يتميز بالأنانية وحب الذات وللسياسة انانية خاصة تتمثل في الرغبة الدائمة في التمكن من القوة والسلطة ومنها قوة الدولة وسلطانها الذي لا يقف امام أي اعتبارات ومهما كانت لان ( الغاية تبرر الوسيلة ) لتوفر لأفرادها الحماية والمنع , انتهى, فحين تصبح السلطة في قبضة شخص واحد متحزب ، وهو مالك ومتحكم في السلطتين التشريعية عبر نوابه الحزبين والتنفيذية في توليه مقاليد الحكومة بالأغلبية النيابية التي حصل عليها ، تكون ديمقراطية استبدادية ، ام عن القاعدة فنجد العضو النيابي ملزما بقرارات الحزب ومدافع عنها في البرلمان حتى وان تعارضت مع معتقداته الشخصية ، الأمر الذي يعني أن البرلمان هنا يكون صوري لأنه لا يغير من الأمر شيء أمام تعارض الادلجة الحزبية ، فقد حدد الكل موقفه سلفا , من هذا يمكن تصور حالة التظليل التي يعيشها الجميع أمام التجييش وبكل الإمكانيات لتوهيم الأفراد بديمقراطية ثابتة الأصول جامدة في معاملاتها وقوانينها الرياضية وكأنها منزلة من السماء , حتى ما عادة لنا القدرة للرد على عيوبها المتراصة يوما بعد يوم ، أن هذا الأمر يذكرني بقول احد أعضاء مجلس العموم البريطاني حيث قال : لقد سمعت في مجلس العموم كثيرا من الخطب التي غيرت رأي ، ولكني لم اسمع خطبة واحدة غيرت صوتي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك