النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ 
إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ 
 وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ 
وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ
 )
(نعم لي إلا ان أودِّع شهيدنا بقصته لتسجل للتاريخ أمام من يقف بتمعن وتأمل بما مرٓ على هذه الأمة بعد فقد نبيها ( ص ) وغيبة إمامها ( عج ) كيف لوحقوا كيف ظلموا كيف عذبوا كيف قتلوا إنها مظالم تتبعها مظالم ولا يأخذ بوترهم إلا الله ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ 
إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ 
… 
 الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ
فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ 
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ 
 إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ 
)
معاناته مع المرض :
تحمّل شهيدنا مرارة ألمه ومرارة مرضه الذي سطى عليه وأخذ من نشاطه ومن قوته حيث ابتلي بمرض السرطان قبل السجن بمدة ولم يشف منه إلا بعد جرعات الكيمياوي فانهدت قواه وضعف عوده وصاحبت آلامه دموع أمه التي سهرت عليه وآهات زوجته التي كانت تزفر كلما ينتكس بآلامه وصرخات حبيبته ( ابنته ) التي كانت ثمرته التي يشمها كل حين وجاءت بشارة البشير بشفائه لكن كان القدر ينتظره بدل أن تغمض عينيه أيدي أحبته آل إلى ظالم متعسف يتعامل معه بقسوة قلب آه لحزنكم واآامكم يا شيعة آل محمد كم من حرمة لكم انتهكت وكم من جرح لكم نزف (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) فلكم بذلك المراتب العالية والجوار الكريم مع محمد و آله الطيبين.كابد مرارة السجن وألم الظلم بصبر وثبات وتسليم لأمره تعالى ولما بلغه وهو في السجن أن عشرة من الأسرة ممن كان معتقلا معه قد اقتادهم الجلاوزة إلى مقصلة الإعدام (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله … ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز / ٤٠ سورة الحج ). انهدّ ركنه وخارت قواه فكان ألما فوق ألم وحزنا يتبعه حزن ابتدأ المرض يتسلل لجسده النحيل تسلل الظلام بعد الغروب – وشاء الله أن تبدأ المعاناة له عناية به ( ره ) ليرفع له درجاته – بان الوهن والضعف عليه وخارت قواه وبدا الضمور يظهر في جسده ورجليه حتى لم يعد يطيق التخطي في سجنه إلا خطوات يسيرة وكان إخوانه ومحبوه يطلقون النداء تلو الآخر لإدراكه وعلاجه من المرض الذي انتابه فما من مجيب ( و ما أنت بمسمع من في القبور ) ولا من ضمير حي يرأف برجل صالح قد أوهنه الألم وهدّ ركنه المرض أو يسمع صرخات السجناء لعلاجه حتى عادت أفخاذه كساقه ضعفا وضمورًا. وفاته : في الخامس من من شهر رمضان / ١٤٠٥ هـ المصادف ٣/ ٦ / ١٩٨٤ م كان وداعه الأخير لإخوته حيث جاء الجلاوزة وأمروا بنقله إلى المستشفى فلم يطق الحركة رغم صباحة وجهه الوضاء وبشاشة محياه البهي لكن الضعف قد إستولى عليه وشتد حاله. بعد قليل من نقله إلى مستشفى السجن يأتي نداؤه الأخير إلى إخوته ويستدعي أخوه آية الله السيد محمد صالح الحكيم ليودعه وليوصه بوصاياه بأيتامه حيث ترك في النجف ولده وغاليه ( أمين ) الذي فارقه وهو بعد في السنة الثانية وثمرته الكبيرة وابنته الصغيرة التي لم يكن قد علم بعدُ بقدومها إذ ترك زوجته حاملاً ولم يكن قد أوصى بصلاة أو صيام أو غير ذلك إذ لم يقصر بعبادته ولم يترك أوامر ربه. وهنا ينتهي اللقاء بلثمات يودعه بها أخوه الذي عاش معه وشاركه في أفراحه وأتراحه في آلامه وأحزانه في سروره وفي حبوره وعاد إلى سجنه، أما شهيدنا فقد إنقطع خبره عنهم بوداعه ولم يسمعوا باستشهاده الا بعد اللقاء بالأسرة ( في المواجهة العامة لهم ) بتاريخ ١/ رجب الحرام / ١٤٠٧ هـ / ١ /٣ / ١٩٨٧م. جاء بعض السجناء – وكان ممن أرسل إلى تلك المستشفى – بتاريخ ١٤١٠ هـ ١٩٩٠ م – بعد غزو صدام للكويت – قال إنني أحمل رسالة شخصية من رجل قابلته في ذلك المستشفى قد توطدت علاقتي به قال لي ذلك الرجل إنني أحمل سراً منذ سنوات أرى انني ملزم بإيصاله ( وجعل يصف شهيدنا بأنه أبيض كث اللحية عليه سيماء الصالحين ) تكفلت بمراقبته ومتابعة علاجه … وفي كلام مفصل يذكره ابن أخ الشهيد سماحة السيد رياض ابن المرجع الكبير السيد الحكيم ( مد ظله ) قال دخل رجل يحمل حقيبة ثم أمرنا بالخروج وسرعان ما خرجنا وبعد ذلك خرج هو أيضا فأسرعنا إلى المريض وإذا به بوضع غير اعتيادي سألته أجاب إن الرجل قد زرقه بإبرة …!!! حيث قضى بها على حياته المليئة بالإيمان بالله ورسوله مليئة بالمحبة للرسول وأهل بيته مليئة بالولاء والعفة مليئة بمحبة العلم والفضيلة. ما بعد وفاته : خاتمة المطاف ونهاية الألطاف أن يعود جسد شهيدنا إلى النجف ليدفن وهو مضرج بدمائه في ثرى عليٍ عليه السلام وتكون ليلة وحشته ليلة القدر ليلة الرحمة الإلهية ليلة هي عند الله خير من ألف شهر، أُبلغنا بوفاته في يوم ٢٢ / شهر رمضان / ١٤٠٥هـ بعد أن عاد آية الله السيد محمد علي الحكيم من زيارة الإمام أمير المؤمنين ( ع ) يقدم الجلاوزة إلى دار آية الله السيد يوسف الحكيم ( قدس سره ) ويطلبوا السيد محمد علي إلى مديرية الأمن فياخذوه معهم وبعد بعض الاستفسارات يدفعوا له ولده فيراه بتلك الصورة الحزينة ثم يأخذوا الجسد إلى وادي النجف ليدفنوه بدون أن تُجرى عليه أية مراسيم تكريم تليق به، وهنا يودع الأب فلذة كبده السيد محمد حسن ذلك الشهيد المظلوم. وإنا لله وإنا إليه راجعون
ورحم الله من قرأ سورة الفاتحة لروحه الطاهرة
المصدر : مجموعة موالون الثقافية
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام 
https://telegram.me/buratha
            
https://telegram.me/buratha
            

