طاهر باقر
الشعار الابرز الذي رفعته شعوب ثورات الربيع العربي هو (الشعب يريد اسقاط النظام) والآن معظم تلك الانظمة التي ثارت عليها الشعوب العربية قد سقطت لكن مشكلاتها لم تحل؛ ولم تتغيراحوال تلك الشعوب ولم تتحسن اوضاعها بل ازدادت سوءا وبعضها جرب بشكل مزري الحرب الاهلية!
وتبين فيما بعد ان المشكلة لم تكن الانظمة وحدها بل كانت تلك البلدان تعاني من مشاكل وازمات تستوجب الحل والمناداة باسقاطها مثل ازالة الظلم والتمييز ومكافحة الجهل والفساد والمحسوبية ومعالجة البطالة والمخدرات والاهم من هذا وذاك هو (محو الفقر).
كان المفروض بتلك الشعوب رفع شعار (الشعب يريد قانون مكافحة الفقر) لان الفقر يهد اركان الامة ويزعزع كيانها المعنوي فمع الفقر تنتشر الامراض والاوبئة الاجتماعية والفساد بكل انواعه ودرجاته ولذا نجد التحذير الشديد من الائمة الاطهار صلوات الله عليهم بشأن انتشار ظاهرة الفقر وخطرها على الامة ووجوب مواجهتها على كافة الاصعدة.
نأتي هنا ونسأل هل ان تشريع قانون محو الفقر سيساعد في القضاء على الفقر حقا؟
قانون محو الفقر يشتمل على مخطط واسع ومنهاج عمل للسنين القادمة وهو يتضمن بالتفاصيل كافة الاجراءات التي يجب ان تتبعها السلطة التنفيذية لتحقيق اهداف هذا القانون، وعلى صعيد الشعار نجد ان جميع المسؤولين السياسيين ينادون بحماية الفقراء لكنهم يعجزون عن ايجاد تغيير حقيقي في اوضاعهم المعيشية ليس لانهم غير صادقين في امنياتهم بازالة الفقر عن كاهل البلد بل لعدم وجود خطة العمل المناسبة لتحقيق هذا الهدف فلو اقر قانون (محو الفقر) ستكون امام المسؤول خطة واضحة لتطبيق هذا القانون ويكون عندها ملزما بتنفيذ بنود تلك الخطة ولن يستطيع المماطلة او التهرب باي حجج واهية خاصة وانه مكلف بتقديم تقرير مشفوع بالارقام والاحصاءات عمافعلته حكومته من اجل تحقيق هدف القضاء على الفقر!.
وفي هذا السياق ربما يكون البرلمان قد حدد زمنا معينا لتنفيذ خطته، وعين السبيل الذي يجب على الحكومة السير فيه من اجل الوصول لتك الاهداف، وكما بين البرلمان المحطات التي يتوجب فيها على الحكومة تقديم تقريرها بخصوص ماتم انجازه في هذا المجال.
قانون محو الفقر يعتمد بشكل اساس على معلومات احصائية قامت بانجازها الدوائر المعنية بغرض الوصول الى معلومات دقيقة عن حالة الفقر بشكل عام في البلد وكذا الحالات الخاصة للافراد اضافة الى المناطق التي تعاني من هذه الظاهرة بشكل اوسع.
وعندما نتحدث عن قانون محو الفقر فلانقصد بذلك هو تقديم المزيد من الاعانات للمحتاجين ولابد ان ناخذ هذه القاعدة بعين الاعتبار "إذا أعطيتَ رجلاً سمكةً، فقد أطعمته ليومٍ واحد، وإذا علّمتَه الصيد، فقد أطعمته مدى الحياة" وحتى لو حصل الفقير على الاعانات فانه لن يخرج من نفق الفقر المظلم بينما القانون الجديد سيحاول انتشاله مع عائلته من حالة الفقر وهذا هو النهج الصحيح، والقانون يشتمل ايضا على باقة من المحفزات والمعونات التربوية والاجتماعية والتوعوية والمالية، فبعد اجراء الاحصاء والحصول على المعلومات الدقيقة يحظى الطالب الذي ينتمي الى هذه الطبقة بمحفزات تساعده في اتمام تعليمه الى آخر سنة دراسية.
يحصل افراد هذه الطبقة على الاولوية في التوظيف في دوائر الدولة، كما انهم يحظون بالاولوية في الحصول على القروض والتسهيلات المصرفية من اجل المضي قدما بمشاريعهم التجارية الصغيرة، كما انهم يتمتعون بحقهم في الحصول على الاستشارات الاقتصادية من جانب الحكومة من اجل انجاح مشاريعهم.
يحصل افراد هذه الطبقة على الضمان الصحي وتتكفل الحكومة بمعالجتهم بشكل مجاني لكي لاتشكل مسألة ارتفاع اسعار الادوية عائقا امام تغيير حالهم من الفقر الى الغنى والثروة، وخاصة لاصحاب الامراض المستعصية فهؤلاء يصرفون الكثير من اموالهم من اجل الدواء والطبيب والعمليات ممايؤثر سلبا على اوضاع بقية افراد الاسرة.
وفي اطار قانون مكافحة الفقر ستتبنى الحكومة افراد هذه الطبقة من يوم ولادتهم حتى تتحسن اوضاعهم المعيشية ويتغير حال الاسرة من الفقر الى الغنى وهنا يبرز تساؤل هام كيف تشرعون قانونا يشجع على التمييز بين افراد الشعب الواحد والجواب هو: ان المساواة بين الفقير والثري في مثل هذه الامور هو الظلم بعينه.
https://telegram.me/buratha

