أن يُقاوِمَ الأبطالُ في غزّةَ كُلَّ العالمِ، من الأطلسيِّ إلى الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيّةِ، وبتمويلٍ خليجيٍّ، بلا ناصرٍ ولا سلاحٍ ولا جغرافيا، فذلك هوَتُ الأسطورةُ في النصرِ.
حماسُ مجرّدُ حركةِ مقاومةٍ، وهيَ –بحكمِ التعريفِ الواقعيّ– لا يتجاوزُ عددُ أفرادِها بضعةَ آلافٍ، ومع ذلك تقفُ قبالةَ الجيوشِ الأطلسيّةِ والأمريكيّةِ والكيانِ الغاصبِ؛ تلكَ أسطورةٌ لم يعرفِ التاريخُ لها مثيلاً.
أرضُ غزّةَ محاصَرةٌ بحكمِ الجغرافيا، لذا قرّرَ العدوُّ الصهيونيُّ استئصالَ شأفتِهم والقضاءَ عليهم بدمٍ باردٍ؛ ولكنّهم كانوا أكبرَ من مساحةِ العربِ والغربِ في الوجودِ والثباتِ.
السّماءُ للعدوِّ مستباحةٌ، يضربُ غزّةَ متى شاءَ وأنّى شاءَ، وقد وصفهم المرجعُ الأعلى السيّدُ السيستانيّ بأنّهم «وحوشٌ بشريّةٌ». وقد صمَتَ العالمُ عن سيلِ الدماءِ، ولم تسمعْ آذانُهُ صرخاتِ الأطفالِ، وأنينَ الأراملِ، وعويلَ الجوعى.
سلاحُ غزّةَ تقليديٌّ محاصَرٌ، يواجهُ أرقى أسلحةِ الأطلسيِّ والأمريكيِّ والصهيونيِّ المتدفّقةِ دونَ انقطاعٍ.
والدولُ العربيّةُ صامِتةٌ، تُرسِلُ أموالَها –دونَ حسابٍ– لتمويلِ آلةِ الحربِ الأمريكيّةِ والإسرائيليّةِ على شعبِ غزّةَ.
الجوعُ والقتلُ وهدمُ المنازلِ فتَكَ بالأطفالِ والنّساءِ.
ومعَ كلِّ ذلك، خاضَ هذا الحزبُ الحماسيُّ أعتى حربٍ عرفَها تاريخُ الكيانِ، فهزَّ أركانَهُ، وهدَّدَ بقاءَهُ، ممّا جعلَ الأمريكيَّ يُلقي لهُ حبلَ النجاةِ في شرمِ الشيخِ.
وبهذا القياسِ، غزّةُ انتصرتْ.
لكنَّ فرقانَ المعركةِ ميَّزَ الأخيارَ من الأشرارِ.
فقد وقفَ اليمنُ موقفًا يعجزُ التاريخُ عن الإتيانِ بمثلهِ من الشواهدِ.
ووقفتْ إيرانُ بوعدِها الصادقِ الأوّلِ والثاني والثالث، واستُشهِدَ خيرةُ رجالِها دونَ تردّدٍ؛ نعم، إنّها إيرانُ الصمودِ والقوّةِ والكرامةِ الإسلاميّةِ.
ووقفَ القائدُ الشهيدُ نصرُ الله وحزبُ الله لبنانَ، وقدّموا الكثيرَ، ولا كثيرَ أعلى قدرًا من دمِ نصرِ الله. ويكفي قولُ أحدِ الصهاينةِ: «إنّنا لم نحاصرْ حزبَ الله، بل ما زالَ هوَ الذي يُحاصرُنا».
ووقفَ أبطالُ العراقِ مواقفَ سياسيّةً ودينيّةً وعسكريّةً ورسميةً بكلِّ جدارةٍ، فكانَ صوتُ العراقِ عاليًا في المنابرِ، واضحًا في الدفاعِ عن فلسطينَ، معبّرًا بأشدِّ العباراتِ عن إدانةِ العدوانِ، فضلًا عن خيرةِ الدماءِ التي قدّمتْها المقاومةُ العراقيّةُ.
ووقفَ الإمامُ الخامنئيُّ متحدّيًا ومدافعًا عن مسلمي غزّةَ، حاميًا لهم بعباءتِه الشريفةِ.
نعم، إنّه الإمامُ عليُّ الخامنئيُّ بنُ عليٍّ عليه السلام.
ووقفَ المرجعُ السيستانيُّ بكلِّ قوّةٍ، مُناصرًا لهم، دافعًا الأمّةَ إلى نصرتِهم، حتى نالَهُ التهديدُ؛ فكانَ الأسدَ المخيفَ، والناصرَ، والعَونَ.
نعم، إنّه الإمامُ عليُّ السيستانيُّ بنُ عليٍّ عليه السلام.
غزّةُ الفرقانُ أوضحتْ بجلاءٍ أنّ الطربوشَ العثمانيَّ كانَ يُزوِّدُ الكيانَ بالسلاحِ والذخيرةِ والمؤونةِ.
ووقفَ رجالُ الخليجِ بذُلٍّ لا مثيلَ لهُ، ويكفيهم عارًا أن تتراقصَ بناتُهم أمامَ ترامب، القاتلِ الأوّلِ.
هكذا تحقّقَ النصرُ بدماءِ الشيعةِ والسُنّةِ من الأبطالِ والشرفاءِ.
وهكذا تحقّقتْ أسطورةُ الإسلامِ في غزّةَ.
https://telegram.me/buratha
