د . وسام عزيز
لطالما وُصفت اليمن عبر التاريخ بأنها “مقبرة الغزاة ، اذ فشلت فيها قوى إمبراطورية كبرى في إخضاع شعبها، بدءًا من الأحباش والرومان، مرورًا بالعثمانيين، وانتهاءً بالبريطانيين. واليوم، تثبت اليمن مجددًا هذه القاعدة في وجه الهيمنة الأمريكية وحلفائها، عبر صمود أسطوري على مختلف الجبهات،
خاصة بعد تصاعد الهجمات البحرية للابطال في (أنصار الله) على المصالح الغربية والإسرائيلية في البحر الأحمر.
اليمن في مواجهة أمريكا: صمود يفوق الإمكانيات رغم أن اليمن تعاني من الحصار، وشح الموارد، وتدمير البنية التحتية بسبب الحرب المستمرة منذ 2015، إلا أن قوات أنصار الله تمكنت من تنفيذ عمليات نوعية ضد القوات الأمريكية وحلفائها:
1. العمليات البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن
منذ نهاية عام 2023 وحتى منتصف 2025، نفذ اليمنيون أكثر من 200 عملية بحرية استهدفت سفنًا إسرائيلية وأمريكية أو تابعة لحلفائها، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
كما ان عملية استهداف السفينة “Galaxy Leader” (نوفمبر 2023)، التي تم احتجازها واقتيادها إلى السواحل اليمنية.
الهجمات بالصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة على ناقلات نفط وسفن عسكرية في البحر الأحمر، مما أجبر شركات كبرى مثل “Maersk” و”MSC” على تحويل مساراتها إلى رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى زيادة تكلفة الشحن العالمي بنسبة 30% بحسب تقرير “رويترز” في مارس 2024.
2. الرد على الغارات الأمريكية
في يناير وفبراير 2024، شنت أمريكا وبريطانيا أكثر من 200 غارة جوية على مواقع في صنعاء والحديدة وصعدة، إلا أن الأثر العسكري كان محدودًا، حيث أعلنت قوات صنعاء إسقاط أكثر من 25 طائرة مسيّرة متطورة من طراز MQ-9، وبعضها عبر أنظمة محلية الصنع.
وهنا نقول
لماذا تُعد اليمن “مقبرة الغزاة”؟
1. الطبيعة الجغرافية الوعرة
جبال اليمن وتضاريسها المعقدة تمنح ميزة تكتيكية للمقاتلين اليمنيين، وقد فشل الغزاة في استغلال سلاح الجو أو القوة النارية الثقيلة لكسر خطوط المقاومة.
2. الروح القتالية العالية
بخلاف الجيوش النظامية، يعتمد المقاتلون اليمنيون على عقيدة قتالية عقائدية، ما يرفع منسوب التضحية والإصرار على المواجهة، بغض النظر عن الخسائر.
3. التكتيكات الذكية والحرب اللامتماثلة
استخدام الطائرات المسيّرة، الألغام البحرية، والصواريخ الدقيقة منح اليمنيين قدرة على إيذاء خصوم يفوقونهم عددًا وعدة. وهو ما يشبه تجربة فيتنام ضد أمريكا في الستينيات.
أبعاد الهزيمة الأمريكية
رغم التفوق العسكري، لم تحقق أمريكا أهدافها:
لم تتمكن من تأمين البحر الأحمر. ولم توقف الهجمات الحوثية.
فشلت في إخضاع صنعاء سياسيًا أو عسكريًا.
وتكبدت خسائر مادية وبشرية متكررة (حسب “واشنطن بوست” تم تسجيل مقتل وإصابة عشرات الجنود الأمريكيين جراء هجمات انصار الله في البحر الأحمر خلال 2024-2025).
ان اليمن لم تهزم أمريكا في ميدان الحرب التقليدية فقط، بل كسرت هيبة القوة العالمية الأولى أمام أعين العالم، وأثبتت أن الشعوب الحرة مهما كان سلاحها ضعيفًا قادرة على التصدي للهيمنة، وأن الإرادة السياسية والعقائدية تفوق السلاح والتكنولوجيا. واليوم، تعيد اليمن كتابة التاريخ كـ”مقبرة الغزاة” بصيغة معاصرة تُدرّس في استراتيجيات المقاومة.
منطلقة من المنهج القرآني القائل ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم
https://telegram.me/buratha
