د. محسن العكيلي ||
المتحدث باسم حركة الجهاد والبناء
في زمن الانكسارات، وعصر الهزائم المتتالية للأمة، تنهض من بين ركام الحصار والحرب والخذلان أمةٌ صغيرة بجغرافياها، عظيمة بإيمانها، شامخة بعقيدتها، اسمها: اليمن.
ذلك الشعب الذي لم يُغره وعد، ولم يُرعبه وعيد. ذلك الشعب الذي يُجسِّد اليوم أروع صور التوكل على الله والثبات على المبدأ، حتى بات حديث العالم، وأرق كوابيس أمريكا وإسرائيل. وعلى رأس هذا الشعب تقف فئةٌ مؤمنةٌ، واثقةٌ، صادقة، تُعرف باسم أنصار الله.
هؤلاء القوم لم يركنوا لليأس رغم أن السماء تمطر نارًا، والأرض تضيق خناقًا، والعدو يتنوع بين الأمريكي والبريطاني والصهيوني والرجعي العربي. ولكنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وها هم اليوم يعلّمون العالم درسًا في الثبات على الحق، مستلهمين قوله تعالى: “وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين”.
لم نعد نتحدث عن خطاب حماسي أو بيان معنوي، بل عن واقع عسكري وسياسي يُغيِّر المعادلات. من جبال صعدة إلى سواحل الحديدة، من أعالي مأرب إلى شوارع صنعاء، يُعيد اليمن كتابة التاريخ. بأسلحةٍ متواضعة، وعقولٍ عبقرية، وإرادةٍ لا تُقهر، حوّلوا اليمن من دولة محاصَرة إلى رقمٍ صعب في معادلات الإقليم والعالم.
اليوم، تحترق الأساطير الأمريكية في البحر الأحمر بصواريخ يمنية الصنع. تُشلّ مطارات الكيان الصهيوني، وتُرعب بارجاته البحرية، ويُقطع شريان تجارته، وكل ذلك بإرادة فئة قليلة. لم يتراجعوا، لم يهادنوا، لم يُبدلوا تبديلاً، لأنهم أصحاب عقيدة، لا تُباع ولا تُشترى، ولأنهم أهل يقين بأن النصر لا يُهدى، بل يُنتزع.
ما تفعله اليمن اليوم، هو معجزة العصر، وصيحة في وجه الطغاة، أن لا قوة على الأرض يمكن أن تهزم شعبًا قرر أن يقاتل عن إيمان، لا عن رغبة في سلطة أو نفوذ. اليمن اليوم لا تقاتل دفاعًا عن حدودها فقط، بل عن كرامة الأمة، عن فلسطين، عن قدسية العقيدة، عن معنى أن تكون مسلمًا حرًا لا عبداً في سوق النخاسة السياسية.
في خضم هذا العالم المليء بالتطبيع، والخيانة، والانبطاح، يصرخ صوت اليمن من بين الركام: “لن نركع إلا لله”.
سلامٌ على اليمن، وسلامٌ على أنصار الله، وسلامٌ على كل من اختار أن يكون في صفّ الحق ولو كان وحيدًا، في زمنٍ باع فيه الكثيرون دينهم بعَرَضٍ من الدنيا قليل.
https://telegram.me/buratha
