المقالات

ثورة العشرين فتوى الجهاد الشيعية


نصير مزهر الحميداوي ||

 

تعد ثورة العشرين في العراق ١٩٢٠، ثورة شعبية ضد الظلم، وضد  الاحتلال البريطاني الذي أراد بأرض العراق وشعبه فسادا، ولقد بدأت الثورة، بادئ الأمر بتظاهرات سلمية ضد الاحتلال البريطاني، والمطالبة بالاستقلال، وسرعان ما تحولت التظاهرات السلمية إلى ثورة مسلحة، نتيجة ممارسات الاحتلال القمعية.

 في يوم العشرين من شهر ربيع الثاني عام 1337 للهجرة النبوية الشريفة أصدر الإمام السيد محمد تقي الشيرازي(قدس سره) فتواه (الصاعقة) التي زلزلت أركان الاحتلال البريطاني الظالم، الذي كان يحاول وبمراوغة مقيتة التدليس على الشعب العراقي الواعي، والصامد، تحت غطاء الانتخابات وتزويرها، حتى يتسنم  وبأسم الحرية زوراً، عرش العراق فنشر الاستعمار البريطاني في أرجاء العراق انه يريد اعمار العراق، ومساعدة الشعب العراقي في النهوض إلى المصالح الشاملة والأفق السعيد، وقد تصدى الإمام الشيرازي لهذه المراوغة، بالفتوى الصاعقة التي تقول بالحرف الواحد، (ليس لأحد من المسلمين ان ينتخب غير المسلم في الامارة والسلطنة على المسلمين( 20 ربيع الثاني 1337ه)

أدت مدينة كربلاء المقدسة ورجالاتها درواً كبيراً في ثورة العشرين، ومقارعة الاحتلال البريطاني، وكانت لارضها المباركة ذات المكانة الدينية، والروحية في قلوب الناس أثر كبير في جمع أقطاب المقاومة، وتسمنها الدور القيادي في الثورة، فضلا عن وجود الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس سره، الذي اضفى شرعية الثورة بفضل فتوى الجهاد التاريخية التي أطلقها، لتمزق قيود الاحتلال الغاشم، ليشهد العراق مرحلة جديدة بإعلان الدولة العراقية عام 1921م.

كانت بريطانيا تريد إجبار العراقيين على انتخاب (السير برسي كوكس) المندوب البريطاني ليكون رئيساً لحكومة العراق، فأصدر الشيرازي فتواه التي كانت بمثابة الرفض القاطع للاحتلال الإنكليزي، وتجريده من أية سلطة على العراقيين، والإعلان الحاسم بوجوب الجهاد المسلح ضده، وضد مخططاته التي خبأها وراء هذا الاستفتاء الصوري الذي نظمه، والذي أراد من خلاله استطلاع آراء الشعب العراقي حول مستقبل بلاده التي خرجت من السيطرة العثمانية، فانطلقت هذه الفتوى من كربلاء، لتعبر عن رغبة الشعب العراقي في التحرر والإستقلال، ولتمثل جبهة القيادة العليا في العراق المتمثلة بالميرزا الشيرازي.

كانت المرجعية الدينية بزعامة المرجع الديني الشيخ محمد تقي الشيرازي، تشرف على الاتصالات مع الأطراف الداخلية والخارجية للمطالبة بحقوق العراقيين، وجرى عقد العديد من الاجتماعات في المدن العراقية الكبرى لاسيما المدن المقدسة في كربلاء، والنجف حضرها عدد من العلماء ورؤساء العشائر الشيعية، طرحت في  تلك الاجتماعات أفكار مختلفة وكانت أقواها  فكرة الثورة  ضد الاحتلال البريطاني.

الشيخ الشيرازي لخوفه على مسألة الأمن وحفظها وحفظ وحدة العراقيين، طلب من قادة الثورة إرسال وفد يمثل كل منطقة إلى بغداد، وجاء في طلبه (أما بعد فإن إخوانكم في بغداد والكاظمية والنجف وكربلاء وغيرها من أنحاء العراق، قد اتفقوا فيما بينهم على الاجتماع والقيام بمظاهرات سلمية، وقد قامت جماعة كبيرة بتلك المظاهرات، مع المحافظة على الأمن، طالبين حقوقهم المشروعة المنتجة لاستقلال العراق إن شاء الله بحكومة إسلامية، وذلك أن يرسل كل قطر وناحية إلى عاصمة العراق بغداد وفداً للمطالبة بحقه، متفقاً مع الذين سيتوجهون من أنحاء العراق عن قريب إلى بغداد، فالواجب عليكم، بل على جميع المسلمين، الاتفاق مع إخوانكم في هذا المبدأ الشريف، وإياكم والإخلال بالأمن، والتخالف والتشاجر بعضكم مع بعض، فإن ذلك مضر بمقاصدكم ومضيع لحقوقكم التي صار الآن أوان حصولها بأيديكم، وأوصيكم بالمحافظة على جميع الملل والنحل التي في بلادكم، في نفوسهم وأموالهم وأعارضهم، ولا تنالوا أحداً منهم بسوء أبداً، وفقكم الله لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المرجع الشيرازي صاحب فتوى الجهاد، هو محمد تقي بن مُحِب علي بن أبي الحسن بن الميراز محمد علي الملقب  بـ الحائري  الشيرازي،  ولد في مدينة شيراز(عام) 1256هـ/1840م، ينتسب لأسرة ذات علم وأدب، فكان والده الميرزا مُحب علي من أهل الورع والدين، أما أخوه الأكبر الميراز محمد علي فكان من كبار رجال الدين في إيران، درس في سامراء ثم عاد الى موطنه شيراز وتصدى فيها لشؤون التدريس والفتاوى الشرعية طوال حياته وكانت له المرجعية العليا فيها، كما أن عمه ميرزا حبيب الله كان من مشاهير الشعراء في مدينة شيراز، أما أبناء الشيخ محمد تقي الشيرازي فهم ثلاثة أولاد مع بنت واحدة واكبرهم :الشيخ محمد رضا الشيرازي : وهو أكبر أبنائه، وساعده الأيمن في تأجيج الثورة الشيعية عام١٩٢٠ م ضد الاحتلال البريطاني، وكان صلة الوصل بين والده والعشائر الشيعية الثائرة، ولقي في سبيل ذلك متاعب ومعاناة كبيرة.

فجاءت فتوى الجهاد إلى أرض خصبة، أثمرت عن مواقف بطولية مشرفة، وبقي المرجع الشيرازي يتابع أحداث الثورة في عموم العراق بكل تفاصيلها، ويمدها ويدعمها بكل ما أوتي من عزم وقوة، فمثلت مواقفه العظيمة أروع دروس الشجاعة والبسالة، الثورة حققت ثمارها بفضل توجيهات الميرزا الشيرازي الذي كان يحض الثوار على الدفاع عن مقدساتهم العظيمة.

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك