المقالات

العقلية البريطانية في العراق

1734 2022-03-26

ا.د. كاظم جهاد العكيلي ||   الكثير من عامة الناس تدفعهم عواطف إجتماعية تتعلق بشخوص او مُسميات من دون دراية ببواطن الأمور، وهي تندفع بتنفيذ ما يُملى عليها من شروط وإلتزامات تؤدي بالنتيجة إلى ضباع مُستقبلهم ومستقبل أوطانهم ..  وهذا في واقع الحال هو ما دأبت عليه السياسة البريطانية خلال قرن من الزمن، بعد أن فشلت في حروبها العسكرية التقليدية التي خاضتها ضد الكثير من الدول ومنها العراق، حتى عادت تلبس لباس المجتمع وتركيبته الإجتماعية والنفسية وطريقة تفكيره لتفرض بالتالي هيبتها وسطوتها على الناس من خلال ذلك ومن خلال العواطف التي إعتاد عليها هذا المجتمع كي ينقاد إليها ويقع تحت تأثيرها .. وهذه العواطف ولبوسها غالبا ما تأخذ طابع ديني وسياسي في مجتمعنا وهو، ما إستغلته بريطانيا إيما إستغلال لبث روح التفرقة والتنابز بين صفوف الشعب الواحد، ومن هذا المنطلق نرى أن السياسة البريطانية كانت قد لعبت دورا كبيرا في رسم هذه السياسة، خصوصا بعد أحدات ثورة العشرين التي وحدت العراقيين لطرد الإنكليز ..  ومنذ عام الإحتلال الأمريكي للعراق 2003 نرى اليوم أن السياسة البريطانية أخذت نفس المنحى مستخلصة الدروس والعبر من لبوس الماضي، وزادت على ذلك إحتواد الفرق التي لها تأثيرا في الشارع العراقي، وتولت تهميش دور القوى الوطنية بحسب ما تتطلب مصالحها السياسية والإقتصادية المبنية على عوامل المتضادات السلبية حتى لا تترك للشعب مستقرا للراحة، ومنه عدم إستقراره على حالة واحدة يمكن من خلالها أن يجد طريقا للخلاص الوطني .. وهكذا هي بريطانيا في السابق كما في اللاحق، لطالما تظل تلعب دوما ذلك الدور الذي يمسك بعصا خفية تمسك بطرفي المعادلة السياسية، فهي من جهة تمد العصا  بين صفوف القَوى المتنفذة لغرض الإبقاء على ما يسمى بالتوازن السياسي على الساحة العراقية، وتمدها بين صفوف القوى الضاغطة للتأثير عليها وإضعافها بهدف إلغاء فكرة تحرير الوطن من كل أشكال التبعية، وبالتالي إنهاء الواعز الوطني عند العراقيين ثم تدميره .. ووفق هذا التوجه البريطاني القديم ــ الجديد في العراق إستطاعت الحكومة البريطانية أن تدير بعصاها هذه مستقبلها السياسي والإقتصادي في العراق، وأن تجيد في هذا السياق إدارة فن اللعبة السياسية القائمة بين فرقاء الحُكم حيث  ألبستهم أغطية متعددة ومتلونة بلونين، لكن أحد اللونين إستعماري بحت، هدفه العمل على إضعاف البلد وتمزيقه وإفراغه بل تجريده من كل قدراته المادية والمعنوية، والثاني إظهار حرصها على العراق لكن أفعالها صارت واضحة ومكشوفة .. ووفق هذه السياقات التي وضعتها العقلية الإستعمارية البريطانية ومؤسساتها الأنجلو ــ أمريكية، صار العراق يمر منذ العام 2003 وحتى الآن بأصعب الظروف الإقتصادية والإجتماعية، بل لم يعد للعراق القدرة على مواجهة الفساد المبرمج الذي زرعته بريطانيا وتدخلها في صناعة القرار السياسي والمالي الذي أشعل الفوضى في العراق لترك الشعب يعيش حالة فوضى من دون أن يجد أي فرصة تقوده لبناء دولة ذات سيادة شكلا ومضمونا بعيدا عن التواجد العسكري الأمريكي والبريطاني في البلاد ..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك