المقالات

حق التظاهر في الدستور العراقي في مئة عام

1911 2021-12-06

 

 مقدمة الكتاب : قاسم الغراوي كاتب / محلل سياسي    ||

                       

المؤلف  : د.قاسم بلشان/ اكاديمي وباحث في الشان السياسي

المظاهرات هي حق في التعبير عن الرأي كأحد اشكال المشاركة السياسية , على ان لا يتعدى على حريات الاخرين وكفله القانون والدستور , والهدف منه هو ايصال مطالب الجماهير الى الجهات المعنية والضغط عليها ، فعندما يكون هنالك حيف على الشعب او شريحة معينة من المجتمع يخرجون في تجمعات سلمية للمطالبة بحقوقهم .

واتفقت جميع القوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان على حق الدول في وضع قانون ينظم فيه هذه المظاهرات , ولكن لا يوجد أي وثيقة دولية أو قانون يطلق الحق في المسيرات والتظاهرات دون تقيد بالنظام , بل إن جميع هذه المواثيق تتفق على حق الدول في منع أي تجاوز في التظاهر حسب ماجاء في القانون او الدستور .

ومن اهم هذه المواثيق هي: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والاقتصادية , والاتفاقية الأوربية , والاتفاقية الأمريكية , وكذلك في الميثاق الافريقي . ومن يقرأ ويدقق في المواثيق يتأكد ان هناك إجماع دولي على عدم قانونية التظاهر خارج حدود القانون ' فالدول الغربية تستخدم قوات خاصة بالمظاهرات لمنع خروجها عن ضوابطها القانونية المسموحة .

وشهد العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 العديد من التظاهرات لعل من ابرزها انتفاضة او تظاهرة عام 1931 او ماتسمى ثورة الشعب الصامته ، وهو اضراب وقع في بغداد وبابل وكربلاء والنجف وواسط وميسان وذي قار والسماوة والرمادي وبعقوبة يوم 5 يوليو 1931 بسبب قانون رسوم البلديات رقم 82 لسنة 1931، واعقبتها الكثير من المظاهرات خصوصا خلال حكومة نوري سعيد وصالح جبر خلال القرن الماضي .

 وفي الوقت الحاضر شهد مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2019 موجة مظاهرات خرج فيها الآلاف في العاصمة بغداد وعدد من المدن الأخرى، احتجاجا على استشراء الفساد والبطالة وسوء الخدمات العامة.

 اما ابرز انواع المظاهرات عبر التاريخ والتي تطرق لها الباحث الدكتور قاسم بلشان التميمي في بحثه فهي : المظاهرات العمالية وتختص بالعمال في قطاع معين أو قطاعات مختلفة يطالبون فيها بمطالب جماعية عادة ما تكون رفع الأجور ، او تغيير ظروف العمل ، أو الاعتراض على قوانين العمل غيرالملائمة لهم  ، وكذلك تطرق الباحث باختصار الى النوع الاخر وهي المظاهرات الطلابية : وتعنى بشريحة الطلاب ، والذين غالبا مايجتمعون في مسيرات احتجاجية يعارضون فيها ظروف الدراسة ، او واقعها أو مشكلة معينة في المناهج الدراسية وامتحاناتهم وجميع القوانين التي تؤطر هذا المجال وهم عصب المظاهرات التي عارضت السلطات عبر تاريخ العراق السياسي .

 وتعد المظاهرات السياسية من ابرز انواع المظاهرات عبر التاريخ الحديث على مستوى العالم العربي والعراق خصوصا بعد التغيير الحاصل في الانظمة العربية ، لانها تمس انعكاسات واسقاطات الواقع السياسي على المجتمع وتكون هذه المظاهرات هادفة إلى التعبير عن رفض وضع سياسي معين والسعي إلى الضغط على الأطراف السياسية القيادية لتغيير واقع سياسي ما يتعارض مع تطلعات ورغبات الشعب ، أو المطالبة بتغيير بعض القوانين التعسفية في الدول، ويقوم المتظاهرون خلالها بمسيرات واحتجاجات سلمية في الغالب ، وهذا ماحدث في تظاهرات عام 2019 . وفي ظل ظروف غير آمنه وغير مستقرة وهشاشة الواقع السياسي وحداثة الديمقراطية والفوضى المرافقة لها يجب ان تقوم الجهات الامنية المختصة باستعدادات لحماية التظاهرات ، وفي نفس الوقت الإنتباه الجيد الى المحيط الذي تدور فيه الأحداث ، بالإضافة الى تجنب التصعيد مع الأطراف التي تريد أن توقع بالمتظاهرين ومحاولة جرهم الى منزلقات أخرى من شأنها خلق العنف والفوضى وهذا ماحدث في المظاهرات العراقية الاخيرة من عام 2019 للاسف الشديد وراح ضحيتها الكثير من الشباب الذين تظاهروا بسلمية مطالبين بحقوقهم المشروعة .

 ان ثقافة التظاهر وبطريقة سلمية هو دليل على وعي المواطن على ان يكون بعيدا عن العنف والاستفزاز , وعلى السلطات ان تهيا اجواء وبيئة امنة لها استنادا للدستور الذي يحكم البلاد . استعراض موفق للتظاهرات وسرد تاريخي بذل فيه الكاتب الدكتور قاسم بلشان التميمي جهدا واضحا من خلال تسليطه الضوء على تاريخ التظاهرات وربطها بالقوانين والدساتير التي حكمت العراق والتقلبات السياسية والمزاج الشعبي الذي قاد التظاهرات عبر التاريخ .

 يعد هذا الكتاب اضافة نوعية للقارىء ليتعرف منخلاله على تاريخ العراق والسلطات التي حكمته والذي لن يخلو من التظاهرات التي امتدت اكثر من قرن من الزمان باعتبارها حق مشروع كفله الدستور.

 ويعد العراق من اوائل البلدان العربية الذي اعتمد دستور يمنح الافراد والجماعات حق التظاهر قياسا للدول العربية .

ابارك للباحث الكاتب الدكتور قاسم بلشان التميمي انجاز كتابه (حق التظاهر في الدستور العراقي في مئة عام) وليس غريبا لقامة اعلامية وبحثية ان ترفدنا بانواع البحوث والمؤلفات التي تمس الواقع السياسي والتاريخي والاجتماعي للعراق تمنياتنا له التوفيق والسداد .

ـــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك