المقالات

"يقيناً كلُّهُ خيرُ"..لنا في إثْرِكُمْ سَيْرُ..سلام على روح الله

1624 2021-06-04

 

محمد الجاسم ||

 

في مقارنة موضوعية، استناداً الى تأريخ الشرق الأوسط المعاصر، نرى ان الشاه محمد رضا بهلوي حاول أن يجعل إيران القوة الرائدة الحديثة في الشرق الأوسط، وكانت أحلامه الديكتاتورية مستندة إلى الدعم اللامحدود من قبل الاستكبار العالمي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل. كان الملك الإيراني يتخذ القرارات بمفرده، أما أولئك الذين يناقضونه ويحتجون عليه فهم مدانون ومضطهدون. حتى أصبح القمع أرضاً خصبة لتزايد نزوع الشعب الإيراني نحو الحرية والانعتاق. إن العمل على تحرير إيران من قمع جهاز الأمن الشاهنشاهي الوحشي (سافاك)، في نهاية العام 1978، كان قد أعدَّ له الليبراليون واليساريون والبرجوازيون والمحافظون، لكنهم لم يتمكنوا من كسب الجماهير الغفيرة الى جانبهم، كما جلبهم الإمام الخميني(رض) بشعاراته الإسلامية والمدنية على السواء، وإن شئنا أو أبينا، ما استطعنا سوى القول، إن الثورة قادها رجال الدين، وكان على رأس رجال الدين، الذين أسقطوا نظام الشاه، في العام1979 ، الإمام روح الله الخميني(رض) ذي السبع والسبعين سنةً من العمر.

لقد عانى الشعب الإيراني برمته من مصادرة الحريات في الرأي والصحافة وفقدان حكم القانون وعدم المساءلة وغياب الانتخابات، لقد كان بدل ذلك كله، ثمة سجون لأتفه الأسباب، ما وفّر الدعائم الموضوعية لإقامة الثورة الشعبية العارمة التي قادها الإمام الخميني(رض).

ولد روح الله الموسوي الخميني(رض) في بلدة (خمين) الصغيرة في العام 1902 لأب فقيه في الدين، وفي سن السادسة عشرة بدأ التدريب والإعداد الذاتي لتكوين شخصيته العلمائية المبكرة. وفي الرابعة والثلاثين من عمره الشريف، أصبح فقيهاً وبلقب علمي (آية الله). في وقت مبكر، سار الخميني(رض) في مسار المواجهة مع نظام الشاه الحاكم ، ودعا الى نزع أية شرعية لذلك النظام الاستبدادي. لقد دعا الجماهير الى إقامة دولة إسلامية تؤمِّن حقوق الجميع، حسب أفكاره ،و وفق فهمه الديني الإسلامي لقيادة المجتمع، وسبق له (رض) قد دعا في العام 1963 إلى انتفاضة في مدينة قم المقدسة، اعتُقل إثرَها ، وحُكِم عليه بالإعدام ، ثم بعد ذلك استُبْدِلَ حكم الإعدام بالنفي خارج وطنه وترحيله إلى تركيا. ومن هناك سُمح له بالذهاب إلى مدينة النجف الأشرف في العراق، ليعمل في المجال الإسلامي. وكانت فرصة مؤاتية له أن يواصل من النجف معارضة الحكم في طهران. لكن ذلك لم يَرُقْ للسلطات البعثية في العراق آنئذٍ، ففي العام 1978 ، وبالتنسيق بين شاه إيران وديكتاتور العراق، جرى ترحيل الإمام الخميني(رض) إلى فرنسا ، ما مكَّنه من استثمار فرصته المناسبة من الاتصال بالصحافة العالمية، ونشر قضية شبعه بشكل واسع. في غضون أشهر، أصبح آية الله السيد الخميني(رض) الشخصية الرائدة في الحركة الثورية في إيران، على الصعيد العالمي.

كان آية الله الخميني (رض) ـ عملياً ـ هو زعيم المعارضة الشعبية الإيرانية بأكملها. لقد كان زعيما وطنياً على مستوى البلاد ، ليس فقط بالنسبة للمتديّنين، بل والماركسيون الذين اجتذبتهم مواقفه المعادية للإمبريالية والعلمانيون والليبراليون، بسبب موقفه الصلب المناهض للديكتاتورية المتمثلة بنظام الشاه .

كان الخميني صادقاً جداً ، ولم يُخْفِ آراءه أبداً ، وكان عرضُه الشجاع آليةَ النظام الإسلامي الجديد في إيران، قد حسمت الخلاف داخل الطبقة السياسية المتباينة التي تصدت لقيادة الثورة بعد انتصارها، لقد أوضح دائماً في كُتُبِهِ وخُطَبِه ما يؤمن به. لذا نجح (قدس) في إقامة نظام حكم عادل وإنساني وقويّ، لدرجة أن أعداء إيران والإسلام من الدول الاستكبارية جرّبت وسائل التركيع كلها فلم تُفلِح في إسقاط إيران الإسلام.

توفي في طهران في الثالث من حزيران العام 1989، بسبب مضاعفات مرض السرطان الذي ابتلي به الإمام الراحل قبل عشر سنين في منفاه في النجف الأشرف..وبقدرة سماوية أوقف الله تعالى تداعيات المرض عن إنهاء حياته الشريفة،حتى تمكن (قدس سره) من إنجاح إقامة النظام الإسلامي،وتثبيت دعائمه، الإقتصادية والسياسية والعسكرية ، ما أدى الى ان تصمد إيران لمدة ثماني سنين بوجه الغزو الصدامي البغيض ،وافتعال حرب ظالمة ،بمساعدة الأمريكان ودول الاستكبار الأخرى وأعراب الخليج الأجلاف، وكأن الإرادة الإلهية قد أحكمت حكمتها ،وسمحت للإمام في هذا الوقت ان يلتحق بربِّه، وهو أبيض الوجه، وبريء الذمة، مما أراده الله منه تجاه بلده والأمة الإسلامية.

ورُبَّ قَوْل..أنفذُ مِنْ صَوْل !

 

بغداد ـ العراق

03/06/2021

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك