المقالات

بين القائد والمدير..!


 

الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||

 

          كثيرة هي المصطلحات التي تتداول بين الناس لا على سبيل الاختصاص والدقة, وقد لا يفرق العوام بين هذا المصطلح أو تلك فتتداخل الدلالات ولا يتميز بعضها عن الآخر إلا عند الخواص الذين يبادرون إلى تفسير المصطلحات على حسب المفاهيم التي تتضمنها وإن تقاربت؛ فليس كل تقارب بين المصطلحات يمكن أن يفسر على سبيل الترادف أو التشابه, ومن أبرز هذه المصطلحات التي تشابهت على الناس مصطلحي القيادة والادارة فأكثر الناس يتناولهما على أنهما لفظان لمفهوم واحد؛ بل يظن الناس أن المدير هو القائد والعكس بالعكس.

          أن الكشف عن حقيقة المصطلحات وبيان الاختلاف بينهما ينتج وعياً ثقافيا يمكنه رسم معالم الادارة بروحية القائد, ويعالج مشكلة القيادة بروحية المدير, فالمدير يسعى إلى العمل بروح المركزية المقيتة القائم على مفاهيم الرئيس والمرؤوس, وبذلك يظن ان النجاة في إخفاء الكثير من لوازم العمل عن فريقه الذي يعيش التيه والبعد عن الواقع بعد أن أضله المدير الهارب من فراستهم إلى اشغالهم بما يمكن أن يبعدهم عن النضوج والابتكار فيفوتهم الوصول والابداع, وأما القائد فهو الذي يسعى أولا إلى تقسيم النجاح على الفريق, والتصدي لكل عمل بروح الفريق الواحد بعد ان يحدد وجهته ويكشف للجميع غايته ليساعدوه في الوصول إلى أعلى درجات الطموح.

          إن العمل مع القائد يشعرك بالمتعة؛ لأنه يشعرك بالنجاح ويتحمل عنك الفشل, وأما المدير فيسعى دوما إلى عدم تحمل المسؤولية؛ لذلك تجده يمارس العمل على وفق لوائح منتظمة يرغب بفرضها على الفريق ولا يستشيرهم في تشكيل الخطوات أو تأليفها, بل يحاول فرضها بحسب رؤيته الشخصية, فلا يتحمل تفوق غيره عليه, ولا يمكنه تصور المشاركة بين أعضاء الفريق ليكتمل النجاح, فتجد القرارات الفردية غالبة عند المدراء, وأما الاستشارات فنادرة؛ لأنه يتصور أن النجاح في التسلط الاداري, أو الافراط في الحزم هروبا من النقص الذي يعيشه فيفوته النجاح الذي يطلبه.

          ومن المناسب أن نعلم أن القائد يتمتع بقدرات تؤهله لكشف الفروق الفردية بين أعضاء الفريق, فيمكنه أن يستفيد من الطاقات المختلفة في الجوانب المتعددة, ويتغلب عادة على الصعاب في الاوضاع المختلفة؛ لأنه يعمل بثقافة التفكير الابداعي, ويتصف بذلك بالإدارة الحكيمة, وبذلك يمكن القول أن كل قائد يمكن أن يكون مديراً, وليس كل مدير يصلح أن يكون قائداً, وهذا يفسر لنا الابعاد التنموية في القرآن الكريم, إذ أكد القرآن على أن الله تعالى كان يختار قادة لعباده في كل مسؤولية, فسيرة الانبياء والاوصياء كشفت قدراتهم القيادية في الادارة الحكيمة البعيدة عن الضيق الفكري والمنفتح لاستقبال صنوف الابتلاءات والاوضاع المختلفة, فكانت حاجات الناس إليهم واضحة وغناهم عن الناس ثابتة إلا إنهم آمنوا باشراك الناس في المشورة والعمل إيمانا منهم بضرورة العمل بروح الفريق الواحد فنجحوا في التخطيط والتنظيم والتوجيه, منطلقين بالحزم واللين في تطوير القابليات الفردية والجماعية حتى أيقن الناس حاجتهم إليهم, وضرورتهم في كل نجاح, وهذه الضرورة تعزز الثقافة القائمة على الفرق بين منهج المدير ومنهج القائد في التدبير.  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك