المقالات

الدين منطق السياسة ..!

1674 2021-03-11

 

حسن المياح  ||

 

المنطق علم , وهو آلة تعصم الذهن وترشد العقل وتهذبه وتهديه مراعاة للفكر والتفكير من الوقوع في الخطآ .

 ولذلك فالمنطق آلة تقويم على خط طريق الإستقامة , ومحاولة لعصمة المسيرة والسير من الوقوع في الإنحراف , أو إرتكاب زلل , أو حصول خطأ أو محذور يلام ويعاتب عليه , لما يؤديه من ضرر,  ومشاكل  , وكوارث .

والدين هو وحي الله سبحانه وتعالى , المتضمن عقيدة التوحيد ( لا إله إلا الله ) , وما تشتمل عليه من تشريع ومفاهيم ومشاعر وسلوك .

 ومن خلال وصف الدين بأنه وحي إلهي , فهو معصوم مستقيم , راشد قويم , يهدي ولا يضلل , ويرشد ولا يتيه , وهو خط إستقامة الكتاب الإلهي المنزل رحمة للناس أجمعين , وهو بوصلة القيادة والتصرف والسلوك والإدارة والحكم في كل ميادين الوجود والحياة , والممارسات والتفكيرات , والإندفاعات والتجاذبات , والتوجهات والمستقبلات .

والسياسة, فقد نعتها فقهاؤها وعلماؤها , وممارسوها والعاملون على أساسها , وطلابها ومريدوها , وما الى ذلك من شخوص وعلائق وإرتباطات , بأنها فن الممكن , والعمل والحراك على أساسه . وقالوا أنها فن ... لأن لها ألوانآ وتقلبات , ووجوهآ وأثيابآ مزركشات , ودروبآ ومنحنيات , وأبلقات وتمحورات , وخداعات وتمويهات , ولبوسات وتشخيصات , وأنها فن من فنون التمثيل والمسرحيات, وكل ذلك لأنها فن فالت مطلق من كل التحديدات والتقييدات , كما هو الممثل الذي يبذل الجهد مستخدمآ الوسائل كافة المتنوعات , ليكون نجمآ في عالم الفن والمجال الذي هو متخصص فيه . وتلك هي نوع من المكيافيلية السياسية والتفكير في ميدان الفن والتمثيل والمسرحيات .

فالسياسة فن الممكن , كما هو الفنان الممثل هو فن المقدرة والإقتدار , لا فرق بينهما ; إلا أن هذا ميدان سياسة , وذاك ميدان تمثيل وظهور على المسرح , فهما متوافقان, متماثلان, متشابهان, منسجمان , هدفآ وغاية , ومنطلقآ وحراكآ , وسيرة عمل منتج , معرض للخطأ والفشل والخطل, وللنجاح والإبداع والتوفيق .

فإذا عزلنا الدين وفصلناه عن السياسة والمجتمع بما هو منطق وآلة عاصمة عن الوقوع في الخطأ , فالسياسة حرة طليقة , تعمل على الهوى والمزاج , وعلى الطموح الإنساني الطاغي النابع من غريزة حب الذات اللامهذبة , واللامهداة , ولا المرشدة , ولا المبوصلة على خط إستقامة التفكير المقوم المخطط له وحيآ , والسلوك الحسن المستقيم المأمور التصرف على أساسه كما هو مبسط في القرآن .

 ولذلك تبقى السياسة فن الممكن , وخاضعة للتغيرات والتقلبات , طبقآ للأهواء والأمزجة , والمصالح والمنافع , التي تتحكم فيها الرياح الهابة والعواصف القاصفة , والأعاصير والمنخفضات , وتقلبات حراك الجو السياسي وتجاذبات القوى الكبرى المتسلطة طغيانآ وإحترابات , وإستعمارآ وإحتلالات , ونهبآ وسرقات , وما الى ذلك من دواهم وفزاعات , ودواهي وزمجرات , وتوعدات وحصارات , وعقوبات وتهديدات .

وأما إذا إرعوت السياسة وإستحكمت وضعها , وإنصاعت من أجل ثبات وإستقامة خط سيرها , وسلمت قيادها الى بوصلة حكيمة تحسن صنع قيادتها وتدبير أمرها , وحفظها من الوقوع في الإنحراف , أو الخطأ , أو الزلل , أو الميل جنحآ الى ظلم وتعد , وجور وإستئثار , وباطل ودمار , وما الى ذلك من أخطاء وزلات , وإنحرافات وميول, فإنها تكون في مأمن وسلام , وصحة وإستقامة , ونفع وعدل , وإرضاء وقناعة , وإنسجام وتعاون, وتكون قد ملكت عناصر قوتها من خلال إستيحاء عصمتها من بوصلتها الموحى اليها , التي تهديها وتهذبها وترشدها .. فيكون عطاؤها عدلآ وإعتدالآ , بلا ميل أو إنعزال , وحقآ وإستحقاقآ , بلا إثرة أو إستئثار .

وعلى أساس كل هذا , تكون السياسة بدلآ من فن الممكن وعلى أساس الهوى والمزاج والمصالح والمنافع اللامشروعة ; فإنها تتحول الى " أداء علم الواجب " , والسير بموجب تشريعات موحاة صالحة , وقوانين معصومة حكيمة مدروسة مخطط اليها إلاهيآ , ومفاهيم قرآنية جاهزة معدة , وسلوك أخلاقي نبيل مرسومة خارطته في القرآن وسيرة الرسول النبي محمد وإله المعصومين الميامين والأولياء والصالحين أسوة وقدوة .

وبذلك تكون السياسة المتبعة على هذا الأساس , أنها إدارة عدل وإستقامة , ومسيرة قيادة واعية حكيمة , تفرض وجودها وطريق ومنهج حاكميتها قناعة , وعلى أساس الرضا والإنسجام بين القيادة والقاعدة, وبين السياسي القائد الصالح المكلف إدارة وخدمة , والشعب المعتقد المؤمن الآمن المطمئن المخدوم السعيد الرغيد عيشآ , والمتجاوب المتعاون سلوكآ وتعاملآ وإنتظامآ .

وذلك هو تحقيق قول " الإسلام يقود الحياة " , وأن السياسة علم أداء الواجب ..... وأنها جزء لا ينفصل , أو ينعزل , أو يتجزأ من كيانه العام التام , الذي هو نظام دين الإسلام , حتى تكون السياسة الجزء من الكيان بمعية الأجزاء المتشابكة المترابطة العاملة إشتراكآ ووحدة تحريك , قد أدت وظيفتها , وأنجزت واجبها , وحسنت صنع عملها , وفاضت ثمارها عطاءآ ونتاجآ .

والحمد لله رب العالمين ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك