المقالات

تماهي الخِطاباتِ..!

1193 2021-02-22

 

د. عليّ الدلفيّ ||

 

أضحىٰ الخِطابُ (الدِّينيّ/ السِّياسيّ) مُحورًا مُهمًّا في اللِّسانيّاتِ العربيّةِ الحديثةِ المُهتمّةِ بالخطاباتِ المُؤثّرةِ في المُتلقّي؛ وميدانهُ الرَّحْبُ خُطَبُ الجمعةِ لما لها مِنْ اتّصالٍ مباشرٍ بالمُجتمعِ وأفرادهِ قديمًا وحديثًا. وكذلكَ ميدانهُ الفتوىٰ؛ والبيان.

 فالخِطابُ السِّياسيّ تمثّلهُ السّلطةُ الحاكميّةُ العُليا في المُجتمعِ؛ التي تنصدمُ بالوقتِ نفسهِ معَ سلطةٍ مُناوئةٍ لها. لكنّها من نوعٍ آخرَ؛ هي السّلطةُ المَعرفيّةُ الدِّينيّة، ولمْ يكنْ منَ الممكنِ ألاّ تتقاطعَ السّلطتانِ؛ وكلتاهُما تستهدفُ الفضاءَ السّلطيّ نفسَهُ.

وهم الجماهيرُ؛ فَقَدْ أدركَ رجلُ السّلطةِ أنَّ ثمّةَ مُنازع ينازعهُ سلطتهُ (في سيطرتهِ علـىٰ الجماهيرِ)؛ ويمنعهُ منَ الهيمنةِ؛ فكانَ الحلُّ في اجتذابِ تلكَ (السّلطةِ المُعرفيّةِ) إلــىٰ مجالِ (السّلطة السّياسيّةِ) وإدماجها فيهِ إلــىٰ درجةِ التّماهي ومنْ ثَمَّ جعل السّلطةِ الدِّينيّةِ غطاءً أيديولوجيًّا للسّلطةِ السّياسيّةِ؛ تضفي عليها الشّرعيّةَ والصّدقيّةَ.

 غيرَ أنَّ مُهمّةَ السّياسيّينَ لمْ تكنْ سهلةً في ظلِّ وعي رجالِ الدّينِ بسلطتهِم المعرفيّةِ؛ وعدمِ موافقتهِم علـىٰ التّخلّي عنها لصالحِ سلطةٍ أخرىٰ؛ فالمحكُّ في النّهايةِ هُمِ الجماهيرُ باعتبارهم مصدر السّلطاتِ الوضعيّةِ في الأنظمةِ الدّيمقراطيّةِ.

ومن هنا ظهرَ في التّاريخِ العراقيّ الحديثِ والمُعاصرِ اتجاهانِ أو طائفتانِ منْ رجالِ الدّينِ؛ طائفةٌ: استجابتْ لنداءاتِ رجالِ السّلطةِ وإغراءاتها؛ وصارتْ تمثّلُ دعمًا لها تضفي علـىٰ حكمها الشّرعيّةَ والقبولَ لدىٰ الجماهيرِ في مُقابلِ العطايا وبذلِ المالِ والتّقريبِ في المجالسِ الخاصّةِ والعامّةِ؛ ومناصبِ القضاءِ؛ وكلّها إمّا كانتْ إغراءاتٍ للاستمالةِ أوْ مكآفاتٍ للولاءِ. وطائفةٌ أخرىٰ: تأبىٰ التّخلّي عنْ سلطتها المعرفيّةِ وتقفُ في مُواجهةِ السّلطةِ السّياسيّةِ؛ إنَّها تفضّلُ أنْ تكونَ بمعزلٍ عنها ناقدةً لها

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك