المقالات

البندقية التي لاتَحملُ وعيًا ، لا تقتلْ مخطّط!!!

1155 2021-01-28

 

مازن البعيجي ||

 

يروى عن أحد المجاهدين في صدر الإسلام وكان مؤمنًا ثابتًا بطلًا ، وقد وقع في الأسر وكان برتبة قائد لديه الكثير من أسرار جيش المسلمين ومواقعهم . ولمّا وقع أسيرًا هو وولد له وصار العدو يطلب منه الإفصاح عن أسرار جيش المسلمين مقابل حريّته ومنصب كبير أيضا!

 استجاب على الفور وأعلن الموافقة ولكن بشرط!! قالوا له، وماشرطك؟! قال : ان تقتلوا ولدي قبلي أمام عيني! تعجَّب الجميع من شرطه الغريب غير المعقول! لكنّه أصرَّ على ذلك ولن يكشف سرّا حتى يُقتَلَ ولده أمامه! وقد حصل ذلك وتمّ قتل ولده ، فقالوا له : ها قد تحقَّق مطلبك، والان أخبرنا بما عندك ، استجمع قدرته ، وربط جأشَهَ وقال بقوة وشجاعة:

 نعم! إنما طلبتُ منكم قتلَ ولدي ليلتحق بأخٍ له خلّفتَه بأرض المعركة، ولأني اخشى إن عرَضتم عليه ماعرضتموهُ عليَّ ، وهو شابٌّ وقد يُغريه ذلك العرض فيُؤثِر الحرية على القتل ، وبذلك يكون قد أضرَّ بإخوانهِ المجاهدين ثمّ يخسَر الدنيا والآخرة!!

أمّا الان : فلكُم أن تُنفِّذوا فلا شيء عندي اخشى عليه ولن تنالوا مني شيئا!! .

هذا المشهد العقائدي الراسخ،  والبصيرة الثاقبة ، والموقف الثابت،   إنما هو ثقافة وليس ضربًا من خيال، عقيدةُ مجاهدٍ عرف تكليفَهُ ودورَهُ ، ولم يُؤثِر عمًى على هدى، فالدنيا بنظرهِ تُعَدُّ زائلة فانية بما فيها من مناصب وعقارات وأموال ومقامات وغير ذلك من متاع ومباهج! كل ذلك لايُعادِلُ النّعيم الباقي الذي استشعره إيمانه في لحظة تأمّل وهو يخَيّرُ نفسه بين الجنة والنار، والباقي والفاني، قد استحضَرَ دينَهُ وماصدَقَ به جَنانه ، لا كما الذي باع الدين والأسرار، وتآمر على أهله واخوانه وبني جلدته وخانَ القضية التي هي شرف كلّ مقاتل بما حمل من سلاح وبندقية ، من أجل حطام لا قيمة فيه ولاخلود له !! وشتّانَ بين متاعٍ لا يذيقنا غير لذة الوهمِ ولاحقيقة له، وبين زادٍ تبقى لذائذه وبريقه ساريَ المفعول على صفحات من نور الى ماشاء الله، كما لا رصيد يبقى مع التخاذل والخيانة إذا ما عرفنا عقوبتها وأنها المآل الذي ينتهي الى النار تلك التي هي مأوى المتخاذلين في طريق الله المستقيم!!

(فَلْيُقَٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء74

فلا خير في مجاهدٍ قشريّ وقائد مَظهريّ لا يحملُ وعيَ القضية المقدسة، تلك التي تمنحَهُ الهيبة والسطوة التي تنقادُ لصاحبِها النفوس والأرواح ، وراحةً تفوق كل مغريات الكون ، مقارنةً بمن حملَ السلاح زهوًا دون وعيٍّ ولا عهد ثابت ، فمَثَلُهً مَثَلُ الذي يُخشى عليه ومنه ، يخشى عليه من السقوط  طالما تتحكم به نوازعه والشهوات!ويُخشى منه ،ليُصبح مصدرا هيّنًا ليّنًا للمعلومات يهدّدُ ثغور المقاومين حتى من غير مقايضة او عرض يُغريه طالما تمكّنَ منه حب الدنيا والحرص عليها ، عندئذٍ يكون همّهُ الخضوع والخنوع والتزلّف واذكريني عند الأمير!!!

ومن هذا المنطلق ومع كلِّ ماوَرَدَ، يبقى هذا النموذج هو الأقلُّ تأثيرا، وأقلُّ عدَدًا من النموذج المشرِّف، ساطعُ البيان، راسخ الجَنان ، ذاك الذي به استُعِيدَت به الكرامة والعزة، وأصبح اليوم كالنجمِ الساطع في سماء محور المقاومة ، ينتشر ضوئه، وتتوسع مساحته ، ويلتحق به كل طاهرِ مولد ، وشريفُ أصلٍ ، وحامل دينٍ وعقيدة ، ولعلّ أحد أبرز من ساهمَ في صناعة هكذا نموذج، هو ذلك المعسكر الإلهي الذي تأسس في الفجر المبارك من عام ١٩٧٩ وله الفضل في صنع فكرٍ يجعلُ من حامله قادرًا على التمييز بين معسكر الحسين ومعسكر يزيد ،  وبين معسكر الخُميني والخامنئي ومعسكر الاستكبار وادواته ، ولايشتبه العاقل اليوم ليقول انّ  معسكر دولة الفقيه هو معسكر يزيد والعياذ بالله !!

(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)النساء139

البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك