المقالات

صدمة الإصلاحات..الابعاد والنتائج

1372 2020-12-21

 

قاسم الغراوي||

 

فكرة نظرية الصدمة الأساسية تقول: إذا أردت أن تجعل الطرف الآخر ملكاً لك، ولأفكارك وقراراتك ؛ فعليك أن تلغي الإحساس بالحاضر، ولكي تفعل ذلك، عليك أن تخضعه لصدمة كبيرة، تعطل بها جميع الحواس، ليعجز عن فهم ما يدور حوله وإدراكه، كما لو كان غائباً عن وعيه، لتمسح بها الإنسان القديم، وترجعه صفحة بيضاء؛ حتى تكتب عليها ما تريد، عندها تجعله مستسلماً موافقاً لكل ما تلقنه من أفكار .

 ميلتون فريدمان، طبق نظرية الصدمة بشكل أوسع على شعب كامل؛ كي يسمحوا للشركات العالمية العابرة القارات بأن تتحكم في اقتصاد دولتهم، وكان أول بلد جرى تطبيق النظرية عليه هو تشيلي! وبدأ الأمر بتدبير انقلاب عسكري فيها، تمهيداً للصدمة، حيث ارتفعت الأسعار والبطالة، وانتشرت أعمال الشغب، وأُصيب الناس بالشلل في التفكير، فلم يعودوا يفهمون ماذا يجري، وكيف الخلاص! وعند اكتمال تأثير الصدمة، تم عرض الحلول المستهدفة لاخراج البلد من الكارثة، وذلك بأن تتحول تشيلي إلى اقتصاد السوق الحرة، لتسوده الشركات العالمية، ومعها قبلت تشيلي ذلك؛ شعبا وحكومة! ولم تكن تشيلي إلا الحلقة الأولى في مسلسل نظرية الصدمة، حيث طبقت هذه النظرية بعدها على عدة بلدان، شرقاً وغرباً .

ولكونه صعب المراس  فالشعب العراقي مستهدف من خلال الصدمة دوليآ لتغيير مواقفه وقناعاته ومحاولة محاربته في لقمة عيشه رغم أن الحكومات فيه جاءت بالديمقراطية أو بالتوافق فالذي يحصل له أبعاد خارجية لها اسقاطات على الواقع العراقي غدا وبعد غد ومااقر اخيرا من الحكومة العراقية هي شروط للبنك الدولي لمعالجة الأزمة الاقتصادية مقابل الاقتراض وهذا ما نوهت عنه الورقة البيضاء وحينما يزداد الاقتراض يعلو سقف مطالب البنك الدولي  يبدأ بشرط طلب تقليل الرواتب إلى زيادة أسعار المحروقات مرورا بالضرائب وتدخلا في فرض سياسة اقتصادية وهي اقتصاد السوق الحر .

والسوق الحر (بالإنجليزية: Free market)‏ نظامًا تُنظّم فيه أسعار السلع والبضائع ذاتيًا بواسطة السوق المفتوحة والمستهلكين أيضًا. ولا يحتوي السوق الحر على  قوانين العرض والطلب ولن يكون هناك أي تدخل من جانب حكومة أو سلطة أخرى، وتخلو من جميع أشكال الحصانة الاقتصادية .

قد تكون الأزمة خانقة وتتحملها السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومات السابقة والحكومة الحالية ومع ازدياد سعر برميل النفط ، لكن بالإمكان اللجوء لخيارات أخرى وبدائل تقلل من الضغط على المواطن وهي كثيرة أكد عليها الخبراء والمختصين أبرزها تعظيم الموارد وضغط النفقات واسترجاع الأموال المنهوبة وجباية الضرائب ،واسترداد ديون الهاتف النقال، وكشف ملفات الفساد وتقديم رؤوس الفساد للقضاء والسيطرة على المنافذ الحدودية  فالمواطن العراقي لن يبقى مشروع تضحية وللابد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك