المقالات

لماذا فشلت الديمقراطية والتعددية في العراق؟!

1331 2020-12-17

 

مهدي المولى ||

 

هذا سؤال كثير ما نطرحه على أنفسنا على بعضنا البعض لماذا فشلت الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية  في البلدان العربية وخاصة في العراق   لا شك هناك اسباب كثيرة وعديدة  والكثير منها متداخلة مع بعضها وبعضها مستند على بعض لهذا نحتاج الى نظرة موضوعية دقيقة وعميقة لفكها وعزلها عن بعضها البعض .

فالاجابة  على مثل هذا السؤال ليس سهل قلنا يتطلب نظرة دقيقة وعميقة وعقلية ناضجة ديمقراطية  مجردة من اي نوع من التأثر والتأثير والا نبقى ندور في حلقة مفرغة لا نحصد منها الا كثرة الخلافات والصراعات وبالتالي الفشل  والعودة الى الدكتاتورية والاستبداد  اي الحاكم الواحد الراي الواحد.

اول هذه الاسباب واهمها ويمكن ان اقول الوحيدة هو سيطرت الاعراف والقيم القبلية والعشائرية الصحراوية سيطرة كاملة  على عقولنا على علاقتنا  الأجتماعية   رغم التغيرات الكبيرة والعديدة في واقعنا لكننا لم نتغير بل نزداد تمسكا والتزاما اكثر بقيمنا واعرافنا العشائرية  القبلية الصحراوية الظلامية الوحشية   في بعض الاحيان نعتنق افكار اديان  معينة  لكننا لم نرتفع الى مستوى تلك الافكار الاديان الجديدة بل ننزلها الى مستوانا ونطبعها بطابعنا القبلي البدوي.

المعروف ان ظهور الدين الاسلامي  في الجزيرة كان ثورة أصلاح و تغيير وتجديد في المنطقة والعالم كله فطرح افكار انسانية حضارية سامية مثل النزعة الانسانية السامية والاخوة الانسانية   والدعوة الى العلم والمعرفة واعتبر ذلك فريضة على كل مسلم ومسلمة والى حرية الرأي والمعتقد  لا اكراه في الدين  لكم دينكم ولي ديني  فكان يرى الفقر كفر الظلم كفر كما اعتبر الجهاد  ليس غزو الآ خرين وفرض الاسلام عليهم واسر نسائهم ونهب اموالهم   بل الجهاد هو مواجهة الحكام الظلمة الفجرة وقول كلمة الحق  الجهاد القضاء على الفقر والظلم ومن ورائهما   وأكد على ان مهمة المسلم في الارض هي اقامة العدل وازالة الظلم  انه رحمة للعالمين لا شك ان طرح مثل هذه الافكار  قفزة نوعية كبيرة في المنطقة والعالم قبل اكثر من 1400 عام.

 للأسف  ان  الاعراب لم يرتفعوا الى مستوى الاسلام  ولم يتطبعوا بطباعه ويتمسكوا بقيمه ومبادئه بل انهم انزلوه الى مستواهم   وطبعوه بطباعهم  والبسوه قيمهم البدوية المتخلفة والقبلية  المتوحشة وتوجهوا الى غزو الاخرين وفرض تلك القيم التي تدعوا الى غزو الآخرين  وذبح شبابهم ونهب اموالهم وسبي واغتصاب نسائهم باسم الاسلام   كما اعلنوا الحرب على كل من يعارضهم من المسلمين الاحرار المتمسكين بالاسلام  وقرروا ذبحهم  والقضاء عليهم  على أساس انهم كفرة مرتدين عن الاسلام فذبحوا سعد بن عبادة ومالك بن نويرة ومنعوا اباذر من قراءة القرآن  لكنه رفض ذلك ثم امروا بنفيه ومنعوه من الاختلاط بالمسلمين ثم مات وحيدا      ثم اعلنوا الحرب على الامام علي ومن معه وقتلوهم جميعا ثم الحرب على الحسين ومن معه وذبحوهم جميعا باسم الاسلام وهكذا انتهى الاسلام المحمدي وعادت جاهلية ابي سفيان  واعلنوا الحرب على العلم والعلماء وذبحوا اهل العقل بأسم الاسلام.

وعادت الجاهلية البدوية اي اعراف القبلية الصحراوية وفرضت قيم  البداوة الوحشية  الاعراب اشد كفرا ونفاق اذا دخلوا قرية افسدوها والرسول سماهم الفئة الباغية   .

وهكذا سادت القيم القبلية العشائرية واعرافها وتحكم شيوخها   وأصبحت جزء اساسي من اصول الاسلام الويل كل الويل لمن يتجاوز عليها ويخرقها او يدعوا الى رفضها  والوقوف ضد تطبيقها.

المعروف جيدا ان العراق بعد تحرير العراق  وقبر حكم الطاغية صدام في 9-4-2003  تهيأت للعراقيين ظروف جديدة يمكنهم بناء عراق ديمقراطي حر تعددي   حيث تأسس دستور ومؤسسات دستورية منحت المواطن العراقي الحرية في اختيار من  يخدمه ويحقق طموحاته .

 فكل محافظة عراقية تختار من يمثلها بحرية  وحسب عدد نفوسها  وهؤلاء جميعا يجتمعون ويشكلوا البرلمان ومهمة البرلمان  اختيار رئيسه ومن ثم اختيار رئيس الجمهورية واختيار رئيس الحكومة والحكومة كما يقوم البرلمان بمراقبة اداء الحكومة فاذا عجزت يقيلها واذا قصرت يعاقبها.

وكل محافظة تختار بحرية مجلس محافظة وحكومتها المحلية لتدير شؤو المحافظة المالية والادارية والصحية والاجتماعية والامنية.

ولكل  حي من احياء المحافظة يختار مجلس بلدي مهمته ادارة الحي اداريا واجتماعيا وخدميا.

حقا انها حالة متطورة ومتقدمة وراقية  لكن للأسف لم نكن بمستواها  حيث استخدمنا القيم والاعراف العشائرية المنافية والمضادة للديمقراطية في أختيار من يمثلنا وكانت السبب في كل السلبيات والمفاسد والجرائم التي حدثت  وتحدث في العراق منذ تحرير العراق وحتى الآن.

فالديمقراطية والتعددية الفكرية لها قيمها واخلاقها الخاصة  والخطوة الاولى في هذا الشأن هي الغاء القيم والاعراف العشائرية وقبرها الى الابد وخلق شعب متخلق بأخلاق وقيم الديمقراطية وخلق مواطن عراقي نسبه وعشيرته وقوميته العراق ويعتز ويفتخر بأنسانيته وعراقيته.

اليس هذا هو السبب في فشل  الديمقراطية والتعددية في العراق؟ّ!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك