المقالات

جاسم الطويرجاوي عنوان الحزن العراقي

1722 2020-10-12

   محمد وناس||   في طفولتنا كان الحصول على جهاز تسجيل الكاسيت ( راديو مسجل ) امر لا يوازيه اليوم الا الحصول على جهاز اي فون 11 او جهاز بلي ستيشن 4 . في وقت يعتبر فيه جهاز المسجل من اغراض البيت العامة وليس للامتلاك الفردي ومن استطاع ان يمتلك جهاز تسجيل خاص به فهو من المميزين . لم تكن كل  البيوت في محلتنا القديمة امتلكت جهاز مسجل في منتصف ونهاية السبعينات مع فترة الانتعاش الذي مر به العراق , الا بعض البيوت الميسورة الحال . منذ اليوم الاول من المحرم تنتشر الاخبار عن البيوت التي تقدم الطعام ( يطبخون للحسين ) وعن انواع المطبوخات وموعد طبخ كل بيت , وتشغلنا التحليلات والتصنيفات لأنواع الطبخ واي البيوت طبخهم  الذ , نجري مسرعين بين الازقة نحمل في ايدينا بقايا قدور اتعبها فقرنا فاستحال لونها الى السواد مثل ملابسنا الحزينة على الحسين , فتكون الهريسة او القيمة هي الجائزة الكبرى . من الشبابيك الخشبية الصغيرة المطلة على الازقة يهاجمنا صوت جاسم الطويرجاوي بنعاوية الحزينة , ومع صغر سني كنت اتوقف عن الجري وبيدي ذلك القدر الصغير الاسود بلا غطاء ,, يخطفني سيد جاسم من بين رفاقي المسرعين ويأخذني  الى صوت جدتي وهي تنعى احبائها الغائبين الراحلين الى السماء . الى صوت امي وهي ترتل سمفونية الحزن العراقي ( دلول يالولد يابني دلول ) وهي تربت على صدر اخي الصعير لكي ينام . وبمجرد ان ينتهي السيد جاسم قراءته اعود للجري على امل اللحاق بباقي اصدقائي او اللحاق بالهريسة قبل ان تنفذ . لم اكن ادرك في وقتها السبب الذي يجعلني مكبلا عند سماعه . لم استوعب السحر الحلال  الذي يخالط بحة صوته او مقدار الحزن الذي يعتريه وهو ينعى الحسين . في فترة الشباب ونحن نتنقل بين الكتب الممنوعة . ونستمع الى محاضرات الشيخ الوائلي يوميا عبر الراديو واحيانا السيد كمال الحيدري في بدايات محاضراته والتي كانت تبث عبر اذاعة طهران العربية كل يوم بعد صلاة الظهر , او في مجالسنا الخاصة جدا ونحن نتحاور في امور الفقه  والفلسفة وغيرها من العلوم  ونعيد تدور ما قراءنا بوعي او بترجيع دون فهم في هذه الفترة ابتعدت عن الاستماع لصوت سيد جاسم الطويرجاوي وكنت احسب نفسي قد امتلكت اطراف العلم واستوعبت فنونه كلها واصبحت من الطبقة المثقفة   , وما يقدمه سيد جاسم لن يضيف لي شيء جديد . مع اني اليوم اجد نفسي عاجزا عن ادراك قيمة وسر هذا الرجل العظيم لم يكن سيد جاسم الا عنوان للإخلاص الحسني الحقيقي ونموذج للشجن والحزن  المتأصل في طبيعة الفرد العراقي , رقة وحنين الامهات والجدات في بلاد النهرين . صوت سيد جاسم ينقل الروح الى كربلاء الى الهوسات  التي يرددها العشاق يوم العاشر في ركضة طويريج الى الطف , في بث حي ومباشر  حيث الرمال تخالط الدماء , عندما يمتزج دخان الخيام مع الدموع واهات صراخ اطفال الحسين ..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك