المقالات

إكرام الفاسد..ترقيته

1624 2020-09-08

  واثق الجابري||   يَروي أحد الذين أرسلتهم أحدى الحكومات العراقية إلى دورة خارجية، لمعرفة طرق مكافحة الفساد، أنه بعد وصولهم إلى الدولة المقصودة، استقبلهم شخص من الدولة المضيفة قبل بدء بروتوكول العمل، وأوصلهم إلى قرب منزل وسط العاصمة يقاطعه كل أهل الحي الذي يسكنه، وقال بسبب الفساد، ولا أحد يتعاون معه أو يسلم عليه، ومثل هذا الشخص لو كان في بلادكم لتم تكريمه، وإذا كان مسؤولاً أو ثرياً ستجدون من يتودد إليه، ولكنه مواطن إمتنع عن تسديد الضرائب. يكثر الحديث عن الفساد في العراق، والحملات التي تقاد ضده كثيرة، والأدوات أكثر؛ فمرة بضربه بيد من حديد، وأخرى تشكيل لجان ومجالس، أو الاستعانة بالخبرات والخبراء من الدول الأخرى، إلى حين التفكير بإستخدام العسكر لمكافحة الفساد، ويبدو أن يد الحديد قد صدئت، واللجان مُيِّعَتْ، والخارج يتحدث بمنطق يختلف عن الداخل، ولا يقاوم أمام أساليب  لا يكشفها الجن، فما بالك بعسكر متدرب على حمل السلاح وتجارب مكافحة الإرهاب وحروب الشوارع. بعد زيارة الوفد لمنزل الفاسد،تحدث المستضيف بأن الفساد ليس عدواً مباشراً نراه بالعين..ولا ينحصر بشخص حتى نوقفه، وربما تظنون أنه أخلاقي فقط، ولكن فساد القيم يفسد الإدارة، وفساد الإدارة يفسد القيم وأخلاق الفرد والعائلة ويؤدي الى إنحراف المجتمع، وما المسؤول الحكومي الفاسد، سوى فرد إنحرفت قيمه، وفضل المصلحة الفردية، على الجماعة المكلف بخدمتها، ولا أحد يتوقع الإطاحة برؤوس كبيرة بعد كل دعوى حملة لمكافحة الفساد، ولا نتوقع حيتاناً خلف القضبان، والأدهى أنهم يستفحلون بعدها الى تقوى مواقع مفصلية أعلى..ويصح المثل " جعجعة بلا طحين".   جملة الاستنتاجات التي وجدت على أرض الواقع، لا توحي بوجود جدية في محاربة الفساد أو قصور أدوات، وما هي سوى أدوات ابتزاز للفاسدين ولمن لم يفسدوا كي يسيروا على نهجهم، ويصبحوا في مواقع أكثر تأثير بالقرار الحكومي، وما تحدث به رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمر مهم وهو مطلب شعبي وحاجة دولة، وهل ستستخدم يد الحديد في الضرب أم صدئت ويحتاج لأدوات أخرى، ولكنه يلوح بإستخدام القوة العسكرية لردع الفاسدين.  إن للفاسدين جيوشاً علنية وسرية وإلكترونية ووهمية، ولكن  واجبات الجيوش مواجهة الجيوش  النظامية، وكلما فقد المقابل نظاميته تعقدت المعركة، والقوات الأمنية يأتي دورها بعد التحقيق وإصدار أوامر القبض، وجيوش الفاسدين غير نظامية ولا مرئية، وأساليب الفساد ملتوية ومعقدة، بالإلتفاف على القوانين بطرق لا تترك أثراً، وتدخل العسكر سيفقد المؤسسة مهنيتها ويعقد مشهدها، لتتطور إلى معركة فعلية بين المؤسسات، بدل تعديل القوانين والإجراءات، وتجفيف منابع الفساد، وإزالة العواقب التي تقف بطرق محاربتها، ومعناه إعطاء عمومية فشل الأجهزة الرقابية.  رغم كثرة دعوات محاربة الفساد، لكن المصداقية مفقودة في ظل تكريم فاسدين ورافضين للنظام السياسي في مواقع أكثر أهمية، وبما أن الفساد، كالمرض العضال أو كالأجزاء الميتة في الجسد، فلابد من إستئصاله ودفنه في مقابر بعيدة، كونه يؤسس لبيئة معدية ملوثة، والواقع يشير إلى غير ذلك، حين يُدَّعى محاربة الفساد من جانب، وفي جوانب أخرى يتم تكريم فاسدين، ويبدو أن للفاسد تكريماً وترقية، ومنهم من ينتقم من كلِّ مَنْ حاول بناء أساسيات العراق ولو كان بدمائه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك