المقالات

المقاومة تصنع الاوطان


محمود الهاشمي

 

كشفت الاعتداءات التي طالت مقار الحشد الشعبي اخيرا،عن واقع العملية السياسية الهش في العراق، فلم يكن بالحسبان ، ان خمس اعتداءات تتوالى على مقار مؤسسة عسكرية دون ان يصدر عن الحكومة بيان او عن مجلس النواب دعوة لمناقشة هذا الموضوع الخطير، وما ان اصدر معاون هيئة الحشد الحاج ابو مهدي بياناً حمل فيه القوات الامريكية المسؤولية حتى سارعت الرئاسات الثلاث للانعقاد، وبدأ قادة الكتل السياسية بالتصريح والاعلان عن مواقف متباينة البعض دعا الى مسيرات واعلام وخطاب بان "ارض العراق ليست لخزن اسلحة لدول اخرى"، ليؤكد صدق واحقية اسرائيل بان تدافع عن نفسها باعتبار ان هذه"الاسلحة"هي مستهدفة بها !!قادة اخرون برؤوا "اسرائيل" من الاعتداء باعتبار "انها غير قادرة للقيام بمثل هذا الفعل"!!.

لقد كشفت ردود الفعل ضد الاعتداءات ان العملية السياسية في البلد، بحاجة الى اعادة انتتاج من جديد، فليس من الصلاح ان يصطرع السياسيون بشان موقف وطني لاجدال فيه ولاجدل، حيث ان الحشد الشعبي جزء من المنظومة الامنية وفق قرار صدر عن مجلس النواب وبالاجماع، فما لهؤلاء السياسيين قد تبرؤوا عن موقفهم وراحوا يتجاوزون على قيم وسيادة البلد وخاصة المؤسسة الامنية...؟

في لبنان كان الاعتداء على الضاحية الجنوبية لايتعدى طائرة اسرائيلية مسيرة سقطت واخرى انفجرت دون ادنى خسائر، فيما تعيش اسرائيل حالة من الرعب والخوف، منتظرة رداً قاسياً، بعد ان قامت بسلسلة اجراءات امنية معقدة، في ذات الوقت فقد تفاعل الشعب اللبناني بكل اطيافه مع موقف حزب الله بما في ذلك رئاسة الحكومة والبرلمان واعتبروا ان الاعتداء الاسرائيلي يمثل تجاوزاً على سيادة لبنان، ولم نقرأ جملة واحدة في الصحف اللبنانية تدعو على الاقل الى "التريث" الى الحد ان احد وزراء الحكومة اللبنانية اوصل رسالة الى قيادة حزب الله من امريكا تدعوهم فيها الى عدم الرد مقابل تجاوز بعض العقوبات على لبنان، لكن القيادة رفضت واكدت ان ذلك حق الشعب اللبناني في الرد كي لايتم التجاوز عليه..وفعلا جاء الرد دون تأخر ليلقنوا العدو الصهيوني درسا بان المقاومة لأتعرف التردد

وقد ثأرت لأرضها ولشعبها.

من جانبها فان حماس وجهت رشقات من الصواريخ الى معسكرات الجيش الاسرائيلي، ليعبروا عن تضامنهم مع العراق وسوريا ولبنان، الى الحد الذي علقت احدى مراكز القرار في اسرائيل بالقول "غزة تثار للحشد في العراق"!!.

نحن نعلم ان بعض قادة الكتل السياسية قد انخرطوا مع المشروع الامريكي دون تردد، وان بياناتهم الاخيرة دليل واضح على ذلك، ولو انهم اكتفوا "الصمت" لكان افضل لكن هم عنوان لـ"خذلان" لاغير، متناسين ان امريكا ليس لها من صديق ، انها تبحث عن مصالحها دون النظر الى الاخرين وها هي تهزأ من قادة دول الخليج وتسلب ارادتهم وتنهب اموالهم دون ان توفر الحماية لهم.

ان المنهج الوحيد الذي من الممكن ان نقف فيه على اقدامنا لمواجهة التحديات هو "المقاومة" فلو لم يكن حزب الله شجاعاً صلباً وفطناً مجاهداً لما جعل سكنة اسرائيل يصدقون اقواله اكثر من تصديق قادتهم، ان كل الذين انخرطوا في المشروع الصهيوامريكي نالو المذلة والخذلان وخسروا الدنيا والاخرة، وهاهي ايران تقف في وجه امريكا بكل خيلائها وقوتها وجبروتها فيما تتوسلها امريكا بمجرد الجلوس والتفاوض ، صحيح ان منهج المقاومة يحتاج الى صبر وتضحيات والى الارتقاء لمستوى الخصم واكثر لغرض المواجهة لانه طريق الاحرار في العالم وصدق الشاعر شوقي حين يقول:

"وللحرية الحمراء باب...بكل يد مضرجة يدق"

ان العراق يحتاج الى وقفة شجاعة، تبدأ من الضغط على القوات الامريكية في الخروج من البلد، ثم الاتيان بشخصيات وطنية ، تدير السلطة تمتلك حساً وطنياً وثقافة سياسية وفقاً لمستقبل باهر.

ان ما قام به الحشد الشعبي من انجاز في طرد الارهاب، يعد منعطفاً في تاريخ العراق، فليس امام الشعب العراقي اما الرضا بضياع الوطن، او الوقفة الشجاعة في الدفاع ومقارعة اشرس عدو، ومن هؤلاء النخبة تبدأ التجربة في جميع ابعادها ..فجيش التحرير الصيني وراء نهضة الصين، وجيش التحرير الفيتنامي وراء نهضة فيتنام وهذا يتمدد على جميع الشعوب التي نالت الحرية وطردت الاستعمار...

ان المقاومة التي تتمدد على مساحة العمق الاستراتيجي للامة، هي الحكومة الحقيقة للشعوب، فحرس الثورة في ايران هو الراعي للتجربة السياسية في الجمهورية الاسلامية، وحماس هم الراعون للتجربة الفلسطينية وانصار الله في اليمن وحزب الله في لبنان والحشد في العراق، لانهم "الترس" الذي يصد شرور الاعداء ويقوم التجربة السياسية ، واملنا بهم في صناعة المستقبل وليس بهؤلاء الحكام الذين يغطون بالنوم في مؤتمراتهم ، ويتباكون مع اول صدمة مع الاعداء!!.

فالمقاومة هي التي تصنع الاوطان وهي الاس الذي ترتفع اليه كل ارقام العملية السياسية ، ومن خذلهم فقد خان الوطن، وسيتلقى عقابه عاجلاً او اجلاً....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك