المقالات

فرية الشيعة في عيد الغدير!

3184 2019-08-17

ضياء المحسن

 

منذ أربعة عشر قرناً ونحن نسمع بتنصيب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أميراً للمؤمنين، بأمر من الرسول الخاتم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)، فهل هذا الأمر فيه انتقاص من أصحاب الرسول الأكرم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)، أم أن الأمر أخطر وأكبر من ذلك.

حقيقة لم نجد فيما يقول فيه الشيعة أي انتقاص لأي من الصحابة الكرام، ذلك لأن مسألة التمييز والتفضيل نجدها ترد كثيرا في الكتاب العزيز، من قبيل تفضيل (أمة على أمة) أو تفضيل (بعض بني آدم على بعض) وهكذا من غير إطالة حتى لا نخرج عن صلب الموضوع.

لم نسمع أيا من علماء الأمة من جميع الفرق أن قال أن الرسول الأكرم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) قد خالف أمرا للجليل (جل شأنه) لأنه (لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى) واستنادا الى فحوى هذه الآية الكريمة، يكون تنصيب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) إماما مفترض الطاعة يعد واحدا من الفروض العبادية التي يجب ان يلتزم بها المسلم، تأسيساً على ما تقره الآية القرآنية الكريمة ((ما أتاكم الرسول فخذوه)) حيث قام الرسول الأكرم في غدير خم مخاطبا جموع المسلمين ((ألا من كنت مولاه، فهذا عليٌ مولاه)) وهي الخطبة المعروفة لدى عامة المسلمين.

قد يتصور بعض السذج أن الأئمة عليهم السلام فقط هم أئمة الشيعة، وهذا خطأ يقع فيه حتى بعض المحسوبين على المثقفين، ذلك لأننا نقرأ في أدعية الزيارة المنسوبة الى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) (السلام على أئمة المسلمين) فلم يذكر في الزيارة كلمة (شيعة).

اليوم وبعد أربعة عشر قرنا على هذه الواقعة يحاول أصحاب الغرض السيء سرقة مستقبل الأمة، كما سرقوا ماضيها، من خلال إستغلال المناسبات الدينية ومنها مناسبة عيد الغدير، حيث يحاول هذا البعض من الفريقين تجييرها لنفسه دون الآخرين خدمة لأهوائهم، ويتناسى هؤلاء أن عجلة التقدم لم يكن في يوما من الأيام مقدرا لها أن تعود الى الوراء، عندما غادر أبناء هذا البلد الشجاع، والذي يستمد شجاعته من ثرى هذه الأرض الطيبة، والتي تضم رفات أسماء عظيمة، رسمت قدر هذه الأمة دون المسميات التي بتنا نسمعها اليوم (سنة، شيعة، براءية) وغيرها، لأن الأساس كان هو إعلاء كلمة الإسلام في المشرقين والمغربين، وأن تعلو راية الإسلام أرجاء المعمورة (يعبدونني ولا يشركون بي شيئا) سورة النور55، هكذا يقول الباري (عز وجل).

مما تقدم نجد أن عيد الغدير ليس حكرا على الشيعة فقط، لأنه رسالة السماء كان على الرسول الأكرم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) أن يبلغها لجميع المسلمين، وأن لم يفعل ((فما بلغت رسالته))، لذلك فإن إختيار النبي الأكرم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) لهذا الوقت بالتحديد، لأنه يعلم يقينا أن الإنسان لا ينسى هكذا مواقف تمر عليه، فهو يوم إتمام النعمة ويأس الكفار من محاولاتهم لكسر شوكة هذا الدين؛ وقد خاب فألهم وخسروا خسرانا مبينا.

إن قضية الغدير ليست عبارة عن حسابات شخصية أو عاطفية، ذلك لأن الخلافة والنبوة صنوان لا يفترق أحدهما عن الأخر، حيث نجد الرسول الأكرم يعبر عن ذلك بقوله للإمام علي (عليه السلام) ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي))، بل هي أعظم من ذلك، لأن الباري عز وجل لم يكن ليترك أهل الأرض بدون راعِ يوجههم، إذا لساخت الأرض ومن عليها، فكانت الإمامة وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) كفؤاً لها وأهلا لها، وحتى لو افترضنا جدلا بأن هناك حسابات شخصية في هذا الموضوع، فلم يكن هناك اجدر وأحق بالإمام عليه (عليه السلام) ليتصدى لهذا الموقع الحساس، وهو الذي عرفته سوح الوغى، والذي لم يداهن على دينه قيد أنملة.

نحمده ونشكره على نعمة الهداية لدينه، والولاية لوليه، إنه نعم المولى ونعم النصي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك