المقالات

الأزمات كالنحل يلسع؛ ولكنه ينتج العسل...!

1818 2019-07-11

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

تجارب الشعوب ليست وقفا "ذُريا" عليها، وهي برسم الأنسانية؛ يمكنها النهل منها كيفما تشاء وأنى تشاء، تلك التجارب تفيد أن معظم الشعوب؛ تستفيد من عثراتها وسقطاتها، وتتجاوز بشجاعة آثار نكباتها، وتبني على ركام إخفاقاتها نجاحات باهرة، ولم تسقط في فخ مغادرة أصالتها أو قيمها وتراثها! على الضفة المقابلة؛ تقف أمم أخرى على النقيض من ذلك تماما، كأنما وضعت على عيونها ما يحجب النظر لواقعها، أو رؤية ما جاورها وعاصرها أو سبقها من حضارات، وبدت وكأنها فقدت أو تخلت صاغرة عن وجدانها الجماعي، فلا دافع ذاتي يدفعها، لأن تأخذ مكانتها المفترضة بين الشعوب المتحضرة، و صار همها الأول؛ هو أن تنظر الى أيادي الآخرين، متطلعة الى ما يجودون به من عطاء يتكرمون به عليها مقابل ثمن باهض هو كرامتها المسفوحة على مسطح الحاجة!

أبناء هذه الشعوب فقدوا القدرة على التفكير المنتج، وباتوا يستنسخون بسذاجة تقرب حد الهبل؛ أفكار الآخرين وإبداعاتهم..أنكى من هذا أن منها من لا يخجله، أن يفتح أفواه أبنائه؛ طلبا لسد حاجتهم من الغذاء في كل وقت وحين، وفي ذلك حتما ارتهان لمصائرها بيد الآخرين.

 لقد كان في كل من اليابان وألمانيا والصين وإيران؛ نماذج عن أزمات عرفتها أمم؛ يختلف بعضها عن بعض كثيرا أو قليلا، لكنها تلتقي في أنها استوعبت جميعها دروس الماضي، وأيقنت أن صناعة مستقبلها كما تريده، يرتكز بالأساس على إرادة صلبة، وأن استغلال مواردها وثرواتها؛ ينبغي أن يتم بالتوازي مع استثمار الإنسان، فبه تنهض الأمم؛ وتتقد فيها جذوة بناء الذات، واستقلالية القرار، وسيادة الأوطان، بعيدا عن روح الإتكالية على الغير.

في المثال الإيراني المجاور؛ من الواضح أيضا أن أزمة الغرب مع إيران، ليست بسبب برنامجها النووي، أو تهديدها للسلم والأمن العالميين، كما تصدح بذلك آلة الدعاية الإعلامية الغربية، ولكن لأن الغرب يسوءه؛ أن يرى غيره يمتلك ناصيته بنفسه، دون أن يرتهنها عنده.

لقد صَعُبَ على الغرب وساسته؛ أن يتفهموا نهضة هذا البلد، واعتماده على قدراته الذاتية في الرقي، غير ان الرد الأيراني؛ ورغم كل النفخ الغربي في آلة التهديد والوعيد، جاء لا يحتمل التأويل: "نحن ماضون ولو كره الكافرون!"...

نحن العراقيين يجب أن نراقب جيراننا الأزليين؛ الذين أدركوا أن الأزمات كالنحل تلسع ولكنه ينتج العسل، وأنها تصنع الهمم؛ فتعلموا الكثير من أزماتهم، وأزمة برنامجهم النووي مع الغرب، ستزيد بالتأكيد في همتهم وترفع عزيمتهم، وإن كان الثمن سيكون باهظا.

كلام قبل السلام: لكي لا نعيش خارج حركة التاريخ، هل نعي أننا في أزمة؛ يمكننا أن نستثمرها كما أستثمر غيرنا أزماته للنهوض؟ أم أننا لا نفيق من رقدتنا، إلا على وقع الضربات التي توالت علينا حتى أدمنا عليها؟! وهل سنبقى بلا مشروع نهضوي، رغم المحن التي صنعناها بأيدينا، أو تلك التي وضعنا فيها غيرنا؟!

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك