المقالات

لقاء في شارع الرسول مع المرجع الاعلى

2353 2014-12-07

عندما اتيت الى النجف قبل عشرين عاما تقريبا كانت المرجعية الدينية تمر باوضاع غير طبيعية ؛خصوصا مع حرص النظام على التدخل في امور الحوزة العلمية بحجم اكبر من المسموح به . وقد كانت المرجعية الدينية في ذلك الوقت تعاني من تدخل الدولة كثيرا ومن ذلك مع وقع مع المرجع الاعلى في مسجد الخضراء من فوضى مفتعلة تسببت بمنع السيد من اقامة صلاة الجماعة خوفا على حياته من الغوغاء والفوضوين وكان المرجع قد اختار البقاء بعيدا عن الانظار حتى يفوت الفرصة على ازلام النظام وجواسيسه...

وفي احد الايام وبينما انا واقف في نهاية شارع الرسول قرب مكتبة دار الاندلس للدجيلي اقلب النظر بين عناوين الكتب ابحث عن بعض العناوين واذا بي ارى المسافة التي امام المكتبة باتجاه المرقد المطهر قد فرغت من المارة وبينما وجهت بالنظر الى الجهة المقابلة واذا بالمرجع الاعلى يمشي وحده باتجاه نهاية الشارع في الساعة الثانية بعد الظهر ...

وقد كنت سمعت ان المرجع يحق له ان يذهب الى الزيارة في احد الايام في هذا الوقت وكان الطقس حارا وليس مع السيد احد سوى رجل عجوز يمشي خلفة بمسافة ولا يعرف الارتباط بين الاثنين الا من يعرف ارتباط هذا العجوز بالسيد وفي هذالوقت كنت انظر الى السيد وهو يسير منفردا بكل معنى الكلمة فقد كان يشق طريقه دون ان يقترب منه احد من المارة فقلت في نفسي هذا مرجع الطائفة وهو في اقرب مسافة مني ...
وبينما هو يقترب من المكان الذي اقف فيه كنت افكر هل من الممكن ان يكون المرجع مراقبا في هذه اللحظات من قبل رجال الامن وهل علي ان اقترب منه واغتنم هذه الفرصة التي قد لا تتكرر مرة اخرى ...

وفي اللحظة التي كنت افكر في الاثار السلبية للاقتراب من السيد وهو ماض في طريقه لزياره جده شعرت بان هذه الفرصة لن تتكرر ابدا وان هذه الوضعية ربما لا تتاح لي مرة اخرى خصوصا وانا جئت النجف متخفيا لا ابوح بما لدي من تاريخ مع النظام السابق وكلما مر الوقت قد يتعرف علي بعض الاشخاص من رجال الامن الذين ينحدرون من مدينة النجف وقد رايت بعضهم فعلا في بعض ازقة النجف .

ولكن كل هذه الهواجس لم تمنع من اتخاذ القرار النهائي فقد وقفت في وسط الطريق سادا الطريق على المرجع وتقدمت باتجاهه والناس تنظر الي واوقفته بكل ترحيب وامسكت يده وقبلتها وكان السيد مندهشا من اصراري على ان اتحدث اليه في الشارع وقلت له سيدنا انا اريد ان اسالك الدعاء فبادر كعادته الى رفع يده بالدعاء وكنت اشعر انني بهذا اشعره باننا هنا لن نهتم لرجال السلطة المحدقين به في كل لحظة ...
وقد نظرت الى الرجل الذي خلف السيد عندما اوقفت السيد قد وقف على نفس المسافة ولم يتقدم بانتظار ان اترك يده السيد واسمح للمرجع بالمرور الا انني لم اقف عند هذا الحد حتى انتهى السيد من اكمال الدعاء ...

وقد كنت اسكن مع احد الاخوة وعندما اخبرته باني قد فعلت ذلك تعجب وقال لي كيف تخاطر بهذه الطريقة فان حركات المرجع الاعلى والحوزة عموما مراقبة من قبل ازلام النظام فقلت له مازحا انا كنت مستعد ان اوقف السيد حتى لو كان محاطا برجال الامن فكيف وهو يسير وحده دون مرافق سوى عجوز يمشي خلفه وعلى بعد ثلاثة امتار تقريبا ولا يمكن لعاقل ان يفوت ايقاف السيد في هذا المكان وقرب مرقد الامام ليساله الدعاء من دون تكلف ولا تحضير مسبق ....
كما اني اخبرته ان اللقاء في الشارع كان له طعم مميز لانه لقاء عفوي وتحت انظار السلطة الغاشمة وهذه هي اللذة الحقيقية في هذا اللقاء ... 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك