المقالات

نحو إجتثاث عالمي للعقل السعودي!..

2188 2014-10-23

قاسم العجرش

لأننا مخلوقين ولسنا خالقين؛ فإنه ليس من حقنا تقديم إفتراضات فيما يتعلق بالخلق، إلا بالتسليم بأننا هكذا خُلقنا، بإرادة الخالق جل في علاه، لكن يمكننا التفكر بالخلق، كي نعرف لماذا خلقنا على ما نحن عليه!

في هذا الصدد، ثمة سؤال يطرق أبواب العقول دوما، مؤداه لِمَ لَمْ يخلق تعالى الكون على شكل واحد، والإنسان على طبيعة واحدة، والبشر على عقيدة واحدة، وهو القادر على كل شيء، حيث لا يُسأل عما يفعل؟!

بعض المهووسين بالثقافة الغربية، يرون أن التعددية نـتـاج غربي، وأن ثقافتنا الإسلامية بعيدة عن هذا المفهوم، والواقع أنهم ينطلقون في فهمهم هذا، من أنهم أينما يتلفتون حولهم، يجدون شيوع ثقافة لا تقبل الآخر، الذي يخالفنا في العقيدة، أو الإنتماء الحزبي والقناعة الفكــرية.

الحال أن مثل هذا الهوس الفكري، يشكل خطرا صادما على ديننا، لا سيما أن التعددية أصل من أصول المعتقد الإسلامي وجوهره، فالـواحـد هـو تعالى وحـده، والتنوع في الكون والإنسان أمر من اختيار الخالق، الذي خلق الوجود على أساس تنوعي، والــتـنـوع ضرورة حتمية لاستمرار البقاء على الأرض.

 لهذا فإن مفهوم التعددية يحتاج الى تأصيل في ثقافتنا، بمعنى أن يجري بناء منظومة فكرية وعقائدية، تؤمن بأن العقيدة الإسلامية، ترى الحياة متعددة الألوان في كل مناحيها، وأن التنوع سنة إلهية لا محيد عنها، وأن من يرفض التعددية في السلوك الإنساني، إنما يرفض الوحدانية التي اختص بها تعالى.

إن تعدد الهويات والمسالك والتصرفات، أمر طبيعي في الحياة الإنسانية، بسبب إختلاف البيئات والمؤثرات، لهذا تعتبر التعددية أصلا، حيث لا يمكن تـصـور الإسلام بدونها، ويدعم هذا الأصل آلاف الشواهد والنصوص، سواء في القرآن الكريم، أو في مصادر التشريع الأخرى، وفي مقدمتها ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام.

في هذا الصدد؛ لا توجد مشكلة في فقه مذهب أهل البيت عليهم السلام، وأتباع هذا المذهب يرون في الآخر مثيل لهم، وقاعدتهم في ذلك: "الناس إمّا أخٌ لكَ في الدِّين أو شبيهٌ لكَ في الخَلْق"، ولذلك فإن الشيعة منفتحين على كل المذاهب الإسلامية، وعلى الأديان الأخرى، بل حتى على غير الموحدين، ويبقى الإحسان للمسالمين منهم، عنواناً عامّاً وقاعدةً عريضة، لتعاطي الشيعة مع الآخر أياً كان.

المشكلة هناك في العقل الوهابي المتحجر، الذي يعتقد أنه وحده من يمتلك الحقيقة، ولذلك خطف باقي المذاهب الإسلامية، وهمش النوازع الإنسانية والأخلاقية، لصالح القسر والإلزام وإعتناق الرأي الواحد..

العقل الذي يرى غيره كفارا مارقين، يتعين التخلص منهم بالقتل والقتل فقط، هو ما أنتجته المملكة الوهابية السعودية.

كلام قبل السلام: لا سبيل أمام البشرية كي تعيش بسلام، إلا أن تدمر المصنع وتجتث الصناع!

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عدنان
2014-10-23
استاذنا من بعد التحية والاحترام ان الفكر لايمكن اجتثاثه بالقتل، ودليل ذلك في التاريخ الخوارج الذين لم يبقى منهم الا تسعة، عندما حاربهم الامام علي عليه السلام، فالفكر وحتى المتطرف والكافر لايمكن زواله الا بفكر اقوى منه، ذا حجة عقلية ، ومصادر مترابطة وصحيحة نقلية، واليوم الاخوان في مصر فبالرغم من عدم رغبة الشارع المصري باغلبه فكرهم، لكن لهم مؤيدين وانصار يفجرون وينتحرون، ولايخافون الاعتقال وحتى القتل، والبعثيين عندنا لازال لهم انصار وهو فكر علماني غير مفهوم، بل ازلامه يحاربون من اجل عودته، وما التفجيرات الاخيرة الا باشارة منهم لاستمرار الفتنة، فللخلاص من هذه المذاهب المتطرفة ، ينبغي نشر مذهب اهل البيت بطرق متطورة واساليب تناغم العقل والقلب معا.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك