المقالات

الشيخ جلال الدين الصغير : لن أهنأ أحداً بل الأجدر أن يتم تعزيتهم على بلاء المسؤولية الخطيرة التي قبلوا أن يتحملوا أعبائها

2141 2014-09-10

بحمد الله قام مجلس النواب بدوره في مهمته الأولى، ونجح رئيس الوزراء المكلف بتشكيل كابينته الحكومية وطرح الرنامج الذي اتفق عليه الفرقاء السياسيين، وتم التصويت بالثقة على هذا البرنامج والكابينة الوزارية، وضمن الذين تم التصويت عليهم بالثقة أصدقاء ورفقاء درب ولكني لن أهنأ أحداً منهم ولا من غيرهم، بل الأجدر أن يتم تعزيتهم على بلاء المسؤولية الخطيرة التي قبلوا أن يتحملوا أعبائها وسط خراب شامل التهم غالبية بنية المؤسسة الحكومية،

ولو كان هؤلاء من المعصومين فإن مهمتهم ستكون غاية في الصعوبة لأن التراكمات المفجعة التي تخلفت من السياسات السابقة أعظم من التصور، ولأن ما يحيق بهم من اوضاع أمنية وسياسية واجتماعية كلها تعاندهم، ولأن اخطبوط الفساد قد توغل بأذياله في أعماق سحيقة في البنية التنفيذية والتشريعات المرتبطة بها فضلالإ عن جهات الرقابة التنفيذية، ولأن الحكومة السابقة قد صفّرت الكثير من أرقام المال الذي كان بانتظار الوزارات الجديدة والكثير منها سيجد نفسه أعجز من أن يقوم بمهمته التي يفترض ان يقوم بها.. وغير ذلك الكثير الذي يجب أن نضعه امام أعيننا قبل أن نقدم كلمات التهنئة والتبريك للفائزين الجديد، بل إني لا أجد إلا كلمات العزاء لمن يريد أن يخدم بلده.

وإني لأعجب من انطلاق كلمات التهنئة في بداية السباق، بل لا بد من أن نرى المتسابق ينجح في مهمة السباق كي نهنأه ونبارك له فوزه في نجاحه في تحويل الشعارات إلى مؤسسات وإلى أعمال وإلى آليات في واقع الوطن والمواطن.

إذن لا يوجد في جعبتنا كلمة للتهنئة للفائزين، بل كلمات التعزية هي الأكثر، فمن تقدم اليوم لملء هذا المنصب أو ذاك غدا هو المسؤول عن أمة تنتظر منه ان يخدمها في القطاع الذي تطوع لكي يخدم فيه، وبات في مفترق طرق حاسم لا مجال للتهاون والمغامرة معه، فإما أن يسير في الطريق الذي يكسب فيه شهادة العز والفخر، أو أن يتحول إلى طريق لا نهاية له إلا مزبلة التاريخ، واضحى هؤلاء أمام مسارين عظيمين، فلقد وضعوا في طريق أول خطواته إمام منزلة عظيمة عند الله، وإما رفقة وصداقة عظيمة مع الشيطان، ومن يكون في هذه المواضع الثلاثة لا يهنّئ بل الجدر أن يعزّى فهو راحل ونحن مراقبون وأمنياتنا ان نهنئه في نهاية السباق ففي النهايات توزع الأوسمة، لا في البدايات.

وهنا لي كلمتان واحدة في أذن المسؤول وأخرى في أذن المواطن

كلمتي للمسؤول أنك فزت تحت شعار التغيير وهذا الشعار كمنت تحتها دماء عشرات الآلاف من الشهداء وطحنت تحته اجساد وأعناق الآلاف من ابناء هذا الوطن، وفي جنباته انتهك عفاف العراقيات في الموصل وفي غيرها، وفي اليوم الذي فزت فيه كنا نودع شهداء أعزاء لهم أباء وأمهات أثكلوا بهم، ولهم أزواج ترملن بسببهم، ولهم اولاد غدوا يتامى والكل كان يدفع ضريبة التغيير المنشود هذا التغيير الذي بسببه ستخاطبون بكلمات اصحاب السعادة والمعالي والفخامة والدولة، وستقطع الشوارع لكي تمروا وسيقف الناس الذين جاؤوا بكم طوابير وراء مكاتبكم يمنون انفسهم ان تجودوا بكلمة فيها مواساة لمشاكلهم وحاجاتهم، ولقد كنت طوال هذه الفترة تنتقد من سبقك لأنه لم يقف مع الجمهور والآن قد بدا الميدان لحميدان وأمام مرأى الجميع، وهذا الميدان يطرح على حميدان الحكومة الحالية خيارين فإما أن يتحول حميدان إلى صولجان، أو ان يتحول إلى ثعبان، وارجع قليلاً جدا إلى الوراء وانظر أن هذا الكرسي كان لغيرك ومع ذلك ناداه الناس بشتى الأوصاف التي يأنف منها العزيز أو من يهتم بحيائه وكرامة وجهه، وحين وصل إليك فتاكد أنه لن يكون حكراً عليك، وسيصل إلى غيرك حتماً فانظر إلى طريق الجياع واسلكه ففيه عز الدنيا والآخرة، وحذاري من ان تنظر إلى طريق المترفين فإنك ستنهزم حتما، فإنه باب أوله الرحمة وباطنه العذاب، فخر لنفسك أي مقعد تريد؟ أتريد مقعد المسؤول المتواضع الذي يتذكره الناس من بعد مئات السنين بكل اعتزاز، أم ستختار طريق من سلف ولم يجن مما اقترفه غير لعنات التاريخ ولمئات السنين.

أما حديثي مع المواطن، فالحديث طويل، ولكن لو التزم الجميع بقاعدة أساسية وبشروطها فإن العراق سينهض والعراقي سيتقدم ومن دونها فدون نهضتكم خرط القتاد.

اخوتي الأحبة، قبل هذه الحكومة وفي كل مرة كنتم تتصارعون على المسؤولين، تمجدون هذا وتشتمون ذاك، وقد رأيتم بعضهم يوم أمس لم يبالوا بكل صراعاتكم وبكل عواطفكم النبيلة التي اغدقتموها كريمة منكم عليهم، وإذا بهم متصالحون فيما بينهم يقبل أحدهم الآخر، ويهنأ أحدهم الاخر، وبقيتم بالأمس مشدودين إلى التلفاز تريدون ان تروا كيف سيجتمع المتناقضون، ولكن ما سبق لي أن كتبته قبل يومين رأيتموه بأعينكم وما عادت القضية مجرد افتراضات بل هي حقيقة رأيتموها ورآها كل من كابر وتنكر لكل ما قلناه، ولست هنا ف مقام الاستدلال لنظريتي بل في مقام التنبيه إلى خطأ منهجي نرتكبه ثم نشتكي من آثاره وما يترتب عليه.

ما أريد أن اقوله ببساطة هو: قبل هذه الحكومة تصارعتم على المسؤولين!! فلماذا لا تجربون طريقا تجعلونهم يتصارعون عليكم؟ ووالله لو فعلتم إذن لصلحت أموركم كلها، أما لو عدتم لسياسات التملق والخوف من المسؤول والتودد الزائف من المسؤول والرغبة في التسلق لكي تصلوا إلى المقام الذي يلقي عليكم النظرة الحانية وهي غالباً نظرة زائفة لو حصلت، فإنكم ستجنون أشد ما جنى من سبقكم من الألم وعض الأصابع.

هذه هي لعبة التغيير وشرائطها، أقول ذلك وقد أرسلت لي بالأمس العديد من البوستات التي انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي وهي تخاطب المسؤول الذي استلم اليوم بلغة انت قائدي وبالروح بالدم وامثال هذه الشعارات التي تثير القرف والاشمئزاز من قرع حزب التملق أبواقه لكي لا يسمع المسؤول أنين الوطن وصراخات المواطن.، ولتصرخ الأًوات الغيورة بحزب التملق أن كفى عبثكم بالعراق ومستقبله. فالمسؤول يبتدأ ربما ولا فساد في اجندته ولكن هذا الحزب اللعين هو الذي يجعله يرى الدنيا من خلال نفسه، فيتحول إلى اللعنة التي تصب على الوطن والمواطن.

ما اتمناه أن تعطوا الجميع فرصة لكي يحققوا ما وعدوا به، ولنأمل ان تتغير الأخلاقيات في التعامل، تعامل المسؤول مع ابن الشعب، وتعامل ابن الشعب مع المسؤول، تعامل الاحترام المتبادل والحق في مقابل الواجب.
اتمنى لكم صباحاً مشرقاً بأشعة الأمل بالأمن والأمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك