المقالات

أسحار رمضانيّة ()

1528 2014-07-01

نزار حيدر

{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
ان واحدة من اعظم القيم التي يجب ان تشيع في المجتمع، اي مجتمع، لينجح، هي قيمة حب الانسان لغيره ما يحب لنفسه، فلا يستأثر بالخير، مثلا، ويمنعه عن غيره، أكان هذا الخير حياة فارهة او فرصة سانحة او ما الى ذلك، فكلما شاع حب الخير بين الناس، بعضهم للبعض الاخر، جرى بينهم التعاون عليه، والعكس هو الصحيح، وان مصدر هذا الحب هو الإيثار، الذي حث عليه القرآن الكريم بصفته مفتاح التكامل الاجتماعي الذي يعتمد التكافل اولا وقبل اي شيء آخر.
ان المجتمع الذي يحكمه مبدأ الإيثار لهوَ مجتمع متكافل، يساعد بعضه البعض الاخر من اجل ان ينجح ويتقدم، والعكس هو الصحيح، فالمجتمع الذي تحكمه صفة الاستئثار والاستحواذ، فالحاكم يستأثر بالسلطة والغني يستأثر بالثروة والعالِم يستأثر بعلمه وهكذا، لهو مجتمع متسافل وفاشل لان الانسان - الفرد فيه يطغى على الانسان - المجتمع، ولذلك تنمو فيه الطبقية المقيتة التي تقتل التكافل والتكافؤ بكل أشكاله.
علينا ان نشيع ثقافة الإيثار في المجتمع، ليساعد بعضنا البعض الاخر في النهوض والتنمية والتقدم وعلى مختلف الأصعدة، فلا يظنّنّ امرءا ان بإمكانه ان ينهض لوحده في مجتمع متثاقل الى الارض، فالفرد جزء من منظومة، لا ينهض أحدٌ فيها اذا ظلّت مرمية على الارض، والى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين (ع) بقوله {لكِنِّي أَسفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا}.
ان الإيثار هو مفتاح النهوض بكل المنظومة الاجتماعية والتي نحن جزءاً منها، فلقد ورد عن أئمة اهل البيت (ع) في الحث على الإيثار، كقول الامام علي (ع) مثلا {الإيثار أعلى المكارم} و {الإيثار أعلى الإيمان} ما يعني ان هناك ارتباط عضوي بين اسلام المرء وإيمانه من جانب مع الإيثار من جانب اخر، كما ان {الإيثار غاية الإحسان} على حد قوله عليه السلام، وهو فضيلة وعكسه الاحتكار او الاستئثار فهو رذيلة، على حد قول أمير المؤمنين (ع).
ليكن كل واحد منا مصدر خير لمن حوله، بكلمة طيبة او استشارة تهدي الى اقتناص فرصة او يدٌ كريمة تساعد في النهوض وتحقيق النجاح، وإيّانا والاستئثار فان نهايته الهاوية.
وكل رمضان وانتم بخير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك