المقالات

ما بعد الفتوى

1379 03:22:17 2014-06-27

نزار حيدر

لقد حَمَت فتوى المرجعية الدينية العليا في النجف الإشراف العراق من الانزلاق في أتون الحرب الطائفية، كما انها وقفت في وجه احتمالات الانهيار التي لاحت في الأفق جراء الصدمة التي تعرض لها العراقيون بسبب المفاجأة التي نزلت عليهم كالصاعقة وهم يتابعون أنباء سيطرة الارهابيين على عدد من المدن العراقية وزحفهم باتجاه العاصمة بغداد.

ما لم يتعرّض له احد بتحليل او حتى إشارة في خبر او مقال، هو ان الفتوى حَمَت سُنّة العراق والمنطقة من غضب شيعي هادر كاد ان ينطلق من قُمقمه لو ان الارهابيين مسّوا بسوء اي من المدن المقدسة وعتباتها في العراق، لان مثل هذا الفعل الإجرامي لو كان قد حصل، لا سمح الله، لاندفع شيعة العراق والمنطقة لا إراديا للدفاع عن مقدساتهم، وعندها تسقط الحدود والانظمة فلم يقف أمام الزحف الهادر شيء.
ان الفتوى حمت الشيعة والسنة على حد سواء، كما انها حمت النظام السياسي الجديد والديمقراطية الناشئة التي يبنيها العراقيون باسنانهم، من الانهيار.


لقد حاولت بعض الأطراف السياسية الحاكمة استغلال الظرف الأمني والعسكري المتردي كذريعة لعدم دعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد، بحجة ان الظروف تحتم علينا التفرغ للجهد الأمني والعسكري فقط وعدم الانشغال باي جهد اخر ومنه السياسي الذي قد يستنزف الطاقات ويلهي او يُشغل الرأي العام، وبذلك يمدّدون للحكومة الحالية عمرها لأطول مدة زمنية ممكنة في ظل غياب اي سقف دستوري وقانوني لها، باعتبار عدم وجود رئيس للجمهورية وكذلك عدم وجود سلطة تشريعية، مجلس النواب، الا ان إلحاح المرجعية على السياسيين للالتزام بالتوقيتات الدستورية لما بعد المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة من قبل المحكمة الاتحادية، بما يشبه الفتوى السياسية التي تناغمت مع فتوى الجهاد، أغلق الباب امام كل من حاول توظيف الظروف الأمنية والعسكرية للتشبّث بالسلطة.

برايي، بقيت هناك الخطوة التالية المهمة جدا التي يجب ان تتصدى لها المرجعية الدينية، وتلك الخطوة هي:

رعاية تسوية مشرّفة (شيعيّة - شيعيّة) من جانب، واخرى (شيعيّة - سنيّة) من جانب اخر، فبعد انسحاب السيد المالكي من سباق الترشّح لرئاسة مجلس الوزراء وقبوله تداول السلطة في إطار التحالف الوطني، نحن بحاجة للاتفاق على مرشح يحظى بمقبولية من قبل جميع الأطراف، هذا فيما يخص التسوية الاولى،

اما فيما يخص التسوية الثانية، فيذهب البعض الى ان هذه الخطوة ستظل ناقصة اذا ما تم التجديد لرئيس مجلس النواب الحالي لولاية ثانية، فإذا اردنا ان نجد حلا منطقيا وعقلانيا للازمة السياسية التي تعصف بالبلاد والتي انتجت كل هذا التدهور الأمني والعسكري، فلا بد من تحديث الرئاسات الثلاث بالكامل، وهي في حقيقة الامر رئاستين هما الحكومة والبرلمان، وبذلك نكون قد عملنا على تهدئة الشارع العراقي ونزعنا فتيل الاحتقانات الطائفية لدرجة كبيرة، اذ لا يُعقل ان يخلع الشيعة صاحبهم ولا يخلع السُّنة صاحبهم، على حد قول كثيرين؟!.

هذه التسويات السياسية الضرورية والمؤلمة بالنسبة للبعض لتجاوز المرحلة الراهنة، لا يمكن لأي طرف رعايتها الا المرجعية الدينية التي أخذت بفتوى الجهاد وبالفتوى السياسية زمام المبادرة ، وعليها ان تذهب بالمشوار الى نهاياته، خاصة وأننا مضغوطون بتاريخ محدّد لعقد الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد (/) والذي أعلنت عنه ودعت له رئاسة الجمهورية.

لا اعتقد ان سياسة الانسحاب او المقاطعة التي ظلت المرجعية الدينية ملتزمة بها طوال السنتين الماضيتين، تجدي نفعاً في هذا الظرف الحساس، فهناك اكثر من طرف إقليمي ودولي يسعى لملء الفراغ الذي يتسببه انسحاب المرجعية، ليفرض أجنداته التي ليس بالضرورة ان تكون لصالح العراق كما هو الحال مع المرجعية الدينية التي اثبتت خلال العقد الماضي بان كل حلولها تصب في خدمة العراق الجديد والعملية السياسية والنظام الديمقراطي.
لقد ثبت بالتجربة ان السياسيين لا يتفقون لوحدهم على شيء ولابد من عامل مساعد وطرف ثالث يساعدهم على ذلك، فلماذا لا يكون هذا الطرف هو المرجعية الدينية حصرا بدلا من ان يكون اي واحد آخر؟.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك