الصفحة الإسلامية

آيات قرآنية في كتاب لا ضرر ولا ضرار للسيد علي السيستاني (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب قاعدة لا ضرر ولا ضرار للسيد علي السيستاني: إن ما ذكر من عدم علّية ترتب الضرر بأن يكون تمام الموضوع للحكم بثبوت الشفعة وإن كان تاماً إلا أن ما ذكر من عدم كونه حكمة له أيضاً في غير محله فإنّ توجه الضرر إلىٰ الشريك بانتقال حصة شريكه إلىٰ شخص آخر ليس امراً نادراً، بحيث لا يصلح أن يكون حكمة لتشريع حق الشفعة، بل نفس الشركة في العين بحدّ ذاتها أمر يوجب كون الشركاء في معرض الضرر ببغي بعضهم علىٰ بعض، كما أُشير اليه في الآية الكريمة "وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" (ص 24) بناءاً علىٰ تفسير الخلطاء بالشركاء المختلطة أموالهم كما عن جمع من المفسرين. وقد ابطل في بعض القوانين الحديثة الوقف الذري معللاً بأنه يوجب ركود الملك وتقليل منافعه وصيرورته مثاراً للاختلاف والتضرر، وقد أفتى جمع من الفقهاء بجواز بيع الوقف عند اختلاف الموقوف عليهم، بحيث يخاف منه تلف الأموال والأنفس.

 

وعن ثبوت الزيادة يقول المرجع الاعلى السيد السيستاني في كتابه: أن يرجح عدم ثبوت الزيادة، ويخرّج ورودها في رواية ابن مسكان علىٰ انها كانت اضافة من الراوي لفهمه من مناسبات الحكم والموضوع ـ كما ذكره المحقق النائيني (قده) ـ وذلك بتصوّر أن المنع من الاضرار بالغير يمثل رحمة بالنسبة اليه، ولا يناسب شمول ذلك للكافر الذي امرنا بالشدة معه كما في قوله تعالىٰ "أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" (الفتح 29)، فلا محالة تختص كبرى لا ضرر ولا ضرار بالمؤمن فيزاد لفظ (علىٰ مؤمن). وهذا الوجه هو الاقرب في النظر لرجحان رواية ابن بكير، الخالية عن الزيادة المذكورة من عدة جهات يمكن بملاحظة مجموعها ترجيح الوجه المزبور.

 

وعن لفظتي ضرر وضرار يقول السيد علي السيستاني حفظه الله: وقال الازهري: روي عن النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله إنّه قال لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، ولكل واحدة من اللفظتين معنىٰ غير الآخر، فمعنى قوله (لا ضرر) اي لا يضر الرجل أخاه فينقص شيئاً من حقه أو مسلكه، وهو ضد النفع، وقوله (لا ضرار) أي لا يضار الرجل أخاه مجازاة فينقصه ويدخل عليه الضرر في شيء فيجازيه بمثله، فالضرار منهما معاً والضرر فعل واحد، ومعنى قوله (ولا ضرار) أي لا يدخل الضرر والنقصان علىٰ الذي ضرَّه ولكن يعفو عنه كقول الله: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت 34). هذا والكلام في تحقيق معنىٰ الحديث يقع تارة في مفاد المادة اللغوية للضرر والاضرار والضرار، وأُخرى في مفاد هيئتها الافرادية، وثالثة في مفاد الهيئة التركيبية للجملتين فهنا ثلاثة مقامات. المقام الأَوّل: في مفاد مادة (ض ر ر) وقد ذكر اللغويون لها معان كثيرة، كالنقص والضيق وسوء الحال والزمانة والعمىٰ والمرض والهزال والحاجة والقحط والايذاء والعلة وغير ذلك. أن يجعل المعنىٰ الاصلي (الضيق) سواءاً كان حسياً مكانياً أو معنوياً حالياً، بحيث يكون استعمال الضرر في موارد النقص وسوء الحال إنما هو بلحاظ تسبيبها للضيق. ويرد عليه: انّ الملاحظ كثرة استعمال الضرر في موارد النقص وان لم يستوجب ضيقاً علىٰ الشخص، مضافاً إلىٰ أن الضيق قد جعل في الآية الكريمة: "وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ" (الطلاق 6). إنّ معنىٰ المادة في المجرد وفي باب الافعال أي في لفظ الضرر والاضرار وتصاريفهما، هو النقص في الاموال والانفس ـ كما هي أيضاً مورد مقابله أي النفع ـ فلا يطلق الضرر والاضرار في موارد التضييق علىٰ الشخص واحراجه بسلب حقه وايذائه ونحو ذلك كما يشهد به العرف، وأما في باب المفاعلة كالضرار والمضارة فهو عكس ذلك، فإنّه يستعمل في التضييق علىٰ الشخص وايقاعه في الحرج والمشقة دون النقص، كما يظهر ذلك بملاحظة الموارد التي استعمل فيها هذا الباب في القرآن الكريم والاحاديث الشريفة، كما في قوله تعالىٰ: "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ" (التوبة 107) فإنّ الكفار كانوا يقصدون باتخاذهم هذا المسجد تضعيف المسلمين وتفريقهم وتقوية اعدائهم كما يظهر من تتمة الآية، لا ادخال الضرر المالي والنفسي عليهم، ومن ذلك استعمال الضرار في مورد قضية سمرة فإنّ سمرة لم يكن يضر بالانصاري مالاً أو نفساً وإنّما كان يضيق عليه حياته ويحرجه في بيته كما هو ظاهر.

 

ويستطرد المرجع الاعلى السيد السيستاني في كتابه عن لفظتي ضرر وضرار قائلا: ولكن ملاحظة موارد الاستعمال تشهد ببطلان هذا التفصيل لاستعمال الضرر والاضرار في موارد التضييق والنقص معاً، واستعمال الضرار في موارد النقص المالي أو النفسي كما يستعمل في موارد التضييق، ومن الاول قوله تعالىٰ: "لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى" (آل عمران 111) وقوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله (من اضرّ بامرأته حتىٰ تفتدي منه نفسها لم يرض الله له بعقوبة دون النار" ومن الثاني قوله تعالىٰ: "مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ" (النساء 12) وقوله عليه ‌السلام في صحيحة الغنوي (هذا الضرار) اشارة إلىٰ مطالبة الشريك بذبح الحيوان مع إباء الشريك الآخر عن ذلك. هذا فيما يتعلق بتشخيص المعنىٰ العام لمادة (ض ر ر). المقام الثاني: في مفاد الهيئة الافرادية للضرر والضرار والاضرار. أما (الضرر) فهو بحسب الهيئة اسم حدث واسماء الاحداث يمكن تقسيمها إلىٰ ثلاثة اقسام: الأَوّل: ما يدل علىٰ المعنىٰ المصدري. الثاني: ما يدل علىٰ المعنىٰ الاسمي. الثالث: ما يشترك بين المعنىٰ المصدري والمعنىٰ الاسمي والفرق بين المصدر واسمه معنىٰ ـ علىٰ ما هو المحقق في محله ـ انّ المعنىٰ المصدري يتضمن نسبة تقييدية ناقصة كالنسبة التي تحتويها الاوصاف علىٰ احد قولين، واما المعنىٰ الاسمي فهو نفس المعنىٰ دون نسبة تقترن به، فنسبة المصدر إلىٰ اسم المصدر نسبة الايجاد إلىٰ الوجود فهما متحدان خارجاً مختلفان بالاعتبار، فمثلاً اذا لوحظ (العلم) كمعنى خاص من غير لحاظه منسوباً إلىٰ عالم أو معلوم كما في المفعول المطلق حيث يقال (علمت علماً) كان معناه معنىٰ اسمياً، وإذا لوحظ منسوباً إلىٰ العالم مثلاً كما في قولنا (علم زيد بكذا محرز) كان معناه معنىٰ مصدرياً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك