المقالات

الأمانة التي حملها الإنسان..!


رياض البغدادي ||

 

قال تعالى "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ  إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" ٧٢ الأحزاب

الروح،وأعظم جنودها العقل،هي محل التكليف والأمانة التي حملها الإنسان، بعد ان اعتذرت أعظم المخلوقات قوة عن حملها، ولهذا أضاف الله تعالى للانسان مجموعة قوى يكون بها جاهزاً لصيانة الروح والمحافظة عليها، فهي إضافة الى كونها أمانة، كذلك هي من أمر الله ومحل عنايته قال تعالى " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ  قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " ٨٥ الاسراء. ومما أضاف لهذه الأمانة شرفاً ورفعةً، انها نفْخ الله قال تعالى " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" ٢٩ الحجر

الروح لا تستطيع ان تخوض المعارك مباشرة ضد الشيطان، ولا الشيطان نفسه قادر أن يخوض معاركة ضد الروح، وإنما للروح جنود ومنها العقل، وللشيطان جنود ومنها النفس، والروح تذوب وتضعف قواها على المواجهة، عندما يموت جندها الذين تحارب بهم جنود الشيطان، بسبب ارتكاب الذنوب، فمع كل ذنب يرتكبه الانسان يموت جندي من جنود الروح، وبالاستمرار، ستصبح الروح ضعيفة وعليلة بالتناقص المستمر لجنودها واستسلام بعضهم وانضمامهم الى جنود الشيطان، وبمرور الوقت تصبح لا تقوى حتى على الدفاع عن نفسها، وتسلِّم المملكة (كيان الإنسان) بكامل جوارحه للشيطان، فيكون هو الآمر الناهي فيها، يوجه الإنسان أينما يرغب ويريد، حتى العقل عندما يصبح أسيراً للشيطان، ويدخل في طاعته، يكون جل اهتمامه وسعيه هو إرضاء رغبات الشيطان، فيوظف كل قواه لصناعة الحيل والمكر والخداع.

ومما يمنح الروح القوة والعافية والصلابة، هو الذكر والعمل الصالح، فهما غذاء الروح ودواؤها الشافي، فكلما اقترب الإنسان من الله ابتهجت الروح، وبهذا الابتهاج تصبح قوية، وبتلك القوة والصحة تستطيع الروح أن تقاوم المغريات، وعلى النقيض من ذلك عندما تكون ضعيفة وعليلة، فإنها تخسر المعركة مع الشيطان بأبسط هوى يخترق به مملكتها، ولو كان مجرد نظرة أو كلمة من زانية، ينساق الإنسان خلفها، ويستسلم ما تبقى من جنود الروح، لكن عندما يحافظ الإنسان على الأمانة ويُقوّي روحه بتغذيتها المستمرة بالذكر والطاعة والعمل الصالح، تتمكن الروح من مقاومة أعظم المغريات، ولهذا نجد في واقعنا وحياتنا الكثير من المصاديق لهذه القضية، فالإنسان المستسلم للذنوب ضعيف أمام المغريات ولا يقوى على مواجهتها، فالسكير شارب الخمر والمُضَيِّع للواجبات الدينية والمكبِّل كيانه بالذنوب التي يضر بها نفسه ولا تتعدى الى الضرر بالآخرين، تجده ضعيفًا أمام المغريات التي يضر بها الناس، كالتجاوز على الحقوق والأموال العامة،من هنا اشترط الله تعالى العدالة والاستقامة والورع في المرجع المقلَّد، وأيضا في تسليم مقادير البلد لمن يرعى مصالحه من رؤساء وقادة وغير ذلك…

فلا تفترض أيها المؤمن بأن هناك شاربًا للخمر تاركًا للصلاة مستخفًّا بالزكاة، ممكن أن يكون أميناً نزيهاً ورعاً أمام مغريات المال والسلطة…

ولله عاقبة الأمور

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك