المقالات

نفحات قرآنية ﴿42﴾


رياض البغدادي ||

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

" يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿17﴾ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿18﴾" سورة النور

هذه الآية من الزواجر لكل من آمن بالإسلام ديناً، فيشمل من خوطب بهذا الزجر ومن سمع به بعد ذلك من المسلمين، لمِا لذلك الذنب من فساد وتبعات آخروية وعقوبات دنيوية التي ورد تفصيلها في الآيات السابقة.

وهنا مسائل:

المسألة الأولى: استدل المعتزلة بهذه الآية بأن القذف يُخرج المؤمن من حوزة المؤمنين. والجواب: إن الآية وإن كانت زاجرة، لكن هذا الافتراض مدفوع بالآية التي خاطب بها الله المؤمنين، وأوضحت بأن أصحاب الإفك منهم كما في قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ...﴾.

المسألة الثانية: هل يجوز أن يُسَمّى الله تعالى واعظاً لقوله تعالى ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا﴾؟ الظاهر إنه لا يجوز كما لا يجوز أن يُسَمّى مُعَلِماً لقوله تعالى ﴿ الرَّحْمَنُ .عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ الرحمن2.

أما قوله تعالى ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ بَيَّن الله تعالى إنه عليم حكيم، ومَنْ هذا صفته لابد أن يُطاع، لأنه لا يأمر إلا عن علم وحكمة، فمن كان عالماً غير حكيم قد يأمر بتعذيب المطيع ويثيب العاصي، ولهذا ذكر الصفتين معًا.وههنا أسئلة:

السؤال الأول: الحكيم لا يأتي بما لا ينبغي، وإنما يكون كذلك لو كان عليماً فما وجه تكرار صفة العلم؟ قيل جاءت للتوكيد.لكن الظاهر أن الحكمة كما عرفوها "بأنها وضع الشيء موضعه" لا تستلزم بأن يكون الحكيم عليماً بكل شيء، وانما تعمل حكمته فيما علمه من أمور، ويؤيد ذلك قوله تعالى " وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ " النساء113، لذلك جاء في الخطاب ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. وقد يكون سبب ذكر العلم قبل الحكمة في الخطاب، بأن الله تعالى أراد أن يخبرهم، بأن العلم الذي عَلِمَهُ أصحاب الإفك، لو كان مقروناً بالحكمة، لما وصل الحال بهم الى هذا الحدّ من تجاوز الحدود الشرعية.

السؤال الثاني: هل أفعال الله معللة وهو المستفاد من قوله تعالى ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ﴾ ؟ قالت الإمامية أعزهم الله إن أفعال الله تصدر لغرض وغاية وليست عبثًا والغرض متعلق باحتياجنا نحن له، وليس احتياجه هو جلّت قدرته، وذلك إنما هو جزء من فيضه وإمداده الغيبي الدائم لعباده، قال تعالى " وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء " المائدة 64.

والله العالم

 

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك