المقالات

الديموقراطية..علامة تجارية لتسويق الهيمنة


محمد شريف أبو ميسم ||

 

مرت الاشتباكات العنيفة بين رجال الشرطة وآلاف المتظاهرين، التي حدثت في العاصمة الجورجية تبليسي قبل نحو اسبوع ، مرور الخبر العابر، بوصفها شأنا داخليا كما قدمتها لنا بعض وسائل الاعلام، الا انها وبحسب المعطيات لا تبدو كذلك، اذ ان هذه الدولة التي تقع جنوب روسيا، حاولت أن تنآى بنفسها وتتخذ موقف الحياد من الحرب الدائرة في أوكرانيا ومن العقوبات المفروضة على روسيا.

الا ان الولايات المتحدة المعروفة بقساوة سياستها وهي تفرض قراراتها على الدول التابعة لها تحت شعار حماية الحريات والدفاع عن الديموقراطية، لا تكتفي بمعاقبة الدول والشركات التي لا تلتزم بتنفيذ هذه العقوبات، اذ تلجأ للايقاع بمن يخالف سياستها، وليس هنالك موضع للحياد.

فبعد أن اندلعت الحرب في أوكرانيا، واجهت روسيا نحو خمسة عشر ألف عقوبة في مختلف القطاعات التجارية والمالية والعلمية والنفطية ، فضلا عن قطاعات النقل والاتصالات وتكنلوجيا المعلومات، وهي عقوبات فاقت بعددها العقوبات التي فرضت وما زالت تفرض على ايران والتي تصل الى نحو خمسة آلاف عقوبة. فكيف يكون الحال اذا لم تلتزم دولة مجاورة لروسيا في تطبيق هذه العقوبات، في وقت صنفت فيه هذه الدولة، على انها ضمن المجال الروسي بحسب تقرير نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بداية العام 2022.

وعلى هذا الأساس، هل يمكن تفسير ما حصل في جورجيا من صدامات بين المتظاهرين ورجال الأمن في سياقات الشأن الداخلي؟ خصوصا وان الاحتجاجات قامت على اثر طرح مشروع قانون يصنف الجمعيات كـ" عملاء أجانب" اذا كان تمويلها من الخارج أكثر من 20 بالمئة، في وقت أعلنت فيه الجهات الدولية التي ساهمت في فرض العقوبات على روسيا عن رغبتها في وجود حكومة جورجية تميل الى الغرب، وبالتالي فان هدف التخلص من الحكومة الحالية يعد رئيسيا.

وعلى الرغم من عدم وجود علاقات روسية جورجية في حد ذاتها، على اثر ما خلفته حرب عام 2008 بين الدولتين من خلل في العلاقات الدبلوماسية ، وعلى الرغم من قرار الحكومة بسحب مشروع القانون من البرلمان، الا ان المعارضة تعهدت بمظاهرات جديدة، بفعل اتهامات مفادها أن لروسيا يدا في طرح مشروع القانون بوصفه شبيه لقانون تطبقه موسكو للحد من التمويل الأجنبي للقوى السياسية، وبالتحديد التمويل الذي تحصل عليه منظمات المجتمع المدني من دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة. ما يرجح احتمالات التصعيد في سياق صناعة بؤرة صراع جديدة للجانب الروسي بهدف الاستنزاف والتوريط .

السؤال المهم هنا، كيف يمكن تحريك الشارع في هذه البلدان بهذه السهولة لصالح الارادات الدولية؟ ومن خلال هذه الدلائل هل يمكن الاعلان عن موت الديموقراطية بوصفها علامة تجارية لتسويق هيمنة رساميل العولمة على العالم؟

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك