المقالات

هزالة سجن..!


لمى يعرب محمد ||

 

صدرت الأحكام بإيداع "جسد"، موسى بن جعفر الكاظم، بن محمد بن علي بن الحسين، بن علي بن أبي طالب (ع) السجن، علما إن المرحلة التي عاش فيها الإمام الكاظم (ع)، شهدت أحداثا وتبدلات على مستوى أنظمة الحكم، والأوضاع السياسية والفكرية والاجتماعية، وأهمها انتقال السلطة من الحكم الأموي إلى الحكم العباسي، لقد عاصر الإمام الكاظم حكم المنصور لمدة عشر سنوات، قبل أن تؤول إليه الإمامة، ومن ثم حكم المهدي خلفا لأبيه المنصور، ثم حكم الهادي وبعده تولى أخوه هارون الرشيد الحكم ودام حكمه 23 سنة.

هنا بدأت حقبة جديدة من الصراع، بين حكم الرشيد وبين الإمام الكاظم(ع) وشيعته، والتي اتسمت بمواصلة الرشيد في معاداة الإمام وال البيت (ع)، واقعا إن عصر الإمام الكاظم وظروف إمامته وجهاده، كان يتطلب العمل الحركي التنظيمي، فقد ورث الإمام الكاظم عن جده الإمام الباقر، تجربة تنظيمية غنية والتي استحضرها الإمام لمواجهة حكم هارون الرشيد، صمم الإمام الكاظم(ع) على مواجهة كل ما يستجد من جور الحكام العباسيين في سبيل ترسيخ دعائم شريعة الإسلام، حيث أراد الإمام أن يقدم للأمة الأطروحة العملية في مواجهة الظلم ومقاومة نفوذه، واستمر بالعمل على نفس المحاور والتخطيط الذي اعتمده الأئمة الأطهار، في مواجهتهم للمجتمع، بالتخطيط الفكري والتوعية العقائدية، والإشراف المباشر على قواعده الشعبية ومواليه، والموقف الصريح في احتجاجه على الحاكم، وأنه أحق بالخلافة من غيره وأولى بها من جميع المسلمين، كان هارون يرى وجود الإمام الكاظم(ع) منافسا قويا، وحس بالخطر المستمر من ناحيته، فعمل على سجنه وعزله عن شيعته ومواليه، عانى الأمام (ع) الألم والعذاب، فأرسل وهو في السجن رسالة إلى هارون، ونصها:"انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نفنى جميعا إلى يوم ليس له انقضاء، وهناك يخسر المبطلون".

فعن سماعة بن مهران قال: قال لي العبد الصالح(ع):"يا سماعة امنوا على فرشهم وأخافوني، أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلا واحد يعبد الله، ولو كان غيره لأضافه الله عز وجل إليه"، يقول تعالى"إن إبراهيم كان امة قانتا لله حنيفا".

كان الإمام (ع) مستمرا بشحذ الهمم، التي آمنت بالحق، مؤكدا إن الأمر لا يتعلق بكثرة الأنصار أو قلتها، كما وركز في تربيته للجماعة الصالحة على بناء الانتماء ودقته، فاثبت إن السجن هو مجرد أداة لمعاقبة "الجسد" وتطويقه، أما الإرادة الإلهية لن يستطيع احد أن يضبط قدرته عليها، ولن يتدخل بمسرى تحقيقها، فذات الإنسان هو قول الفصل في الوعي والفكر، كما حدث ما بين الإمام الكاظم(ع) وهارون، فلم يكن سجن هارون حقيقيا يوما، ولم يستطع تفنيد المشروع الإلهي الذي حمله الكاظم(ع) والأئمة الأطهار جميعا.

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك