المقالات

على ساحلِ بَحرَين..!


كوثر العزاوي ||

 

حينما تجتاح الروح موجة حزنٍ مشوبة بالأشواق، يحدو بها القدر متفضّلًا لتقف على ساحل الأمل حانية متأمّلة، فيأتيها موجٌ البحر متناغمًا مع أمواجها، ومن هناك تنطلق تناهيدَ جذلى وزفرات حرّى، وشيء فشيء يتحوّل الهمس إلى دويّ في أعماق الروح، وكأن كلّ جارحة ترغب في البكاء نادبة حدّ الصراخ فترتفع عقيرة المهموم خارج الإرادة بنداء "ياصاحب الزمان" كأنها دعوة من عمق القلب إلى عمق البحر الذي تقطنه أسرار الغيب، فتندفع مع الأمواج هائجة من غور اليَمِّ إلى عنان السماء لتخترق السحب فتمكث هناك لتحطّ رِحالَ بوحُها عند أطراف عباءة الأمل المنتظَر، إذ تنبري لواعج القلب شاكية، تجدّدُ عهدًا انعقد في طيّ  رسالة الحبّ ممّن وقف على ساحله متأمّلًا، فيرجِعُ الصدى إلى الأسماع صوتًا ملكوتيًا محمّلًا بأجمل معاني الحنو والرأفة قائلا : أدِرْ كلّكَ وولّي وجهكَ صوب حرم مشهد الرضا لتلقى هناك الرأفة والرضا والأنس والسرور، فقد استجابت الجوانح قبل الجوارح وأدبرت نحو بحر العطاء والجود والكرم والأنس، وهناك حيث الروح قائمة على ساحل مشهده المقدّس، والذات جاثية عند بابهِ، متعلِّقة بحلَقِ ضريحهِ المعطَّر، عندها أدرَك العقل  الفارق بين البَحرَين، بحر الجمال الماديّ الذي يُمتّع النظر لتعيش الإنتشاء المؤقت بمجرّد الإدبار، وبحر المعاني الملكوتية التي ترسِّخُ في النّفس السموّ والسكينة ويُفعَمُ القلب بالراحة والهدوء، ويتملّكْ الكيان الإنشراح، فتشعر بكل شيء فيه ومعه يسبّحُ بحمد الله"جلّ جلاله وعَظُمَ شأنه"ولكن لاتفقهُ ذلك إلّا بعد خلوّ الطريق من متعلَّقات ظلمانية المادة وفتاتَ العيش!! وحينئذٍ تتجلى حقيقة آية البحر وسِحرهِ، وحاجة النفس المثقَلة بالآمال والآلام.

{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ..} فاطر ١٢

فَهلْ بعد هذا من رصيد؟!.

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك