المقالات

الانتهازية،،سلاح الاقزام


مانع الزاملي ||

 

تشتق كلمة الانتهازية في معناها اللغوي من مادة (نهز) التي تعني اغتنم ، والانتهازية تعني المبادرة ، ويقال انتهز الفرصة وبادراليها ، وهي في معناها السياسي ، او الاصطلاحي،  لاتختلف كثيرا عن المعنى اللغوي المشار اليه في المقدمة ، فالانسان الانتهازي هو الذي يغتنم الفرص ،ويستثمرها،  ويتظاهر بالصلاح ، والحرص الكاذب،  من اجل الوصول لاهداف شخصية تصب في صالحه ، حتى لو تطلب ذلك اتهام الاخرين واختلاق التهم المزيفة ، ويلبسها لباس الحق والحرص على المصلحة العامة ، والانتهازية بهذا المفهوم السلبي تتطابق مع نظرية ( الغاية تبرر الوسيلة ) التي تبناها الفيلسوف الايطالي نيكولا ميكافيلي ، واسهب في شرحها في كتابه الشهير الذي اسماه ب( الامير) واصبحت داء اصاب كل النفوس التي تنطلق من عمل اي شي من اجل الوصول للهدف ، بمعنى ان يرتكب كل شي سواء كان حقا او باطلا ، حقيقيا ام وهميا،  المهم يتحقق من خلاله الهدف ، حتى لو تطلب قتل الابرياء،  او خيانة الامانة،  او الطعن بالاعراض او كل شي يمكن ان يمر على بال الانسان ،لذلك النهج الانتهازي الميكافيلي يسمي الكذب دهاءا ، والتعفف بلاهه ، ويسمي الصدق سذاجة ،والنصح حسد او سوء ادب ، والانضباط والتريث عن فعل الموبقات والشرور تعقيد ، وهكذا ينظر بصورة مقلوبة لكل شي حقيقي وواقعي ومقدس ،

والهدف من كل ذلك الحصول على منافع شخصية،  او عائلية ،والانتهازي في نظر علماء الاجتماع هو انسان مجرد من اي مبدأ،  او عقيدة اوفكرة ، ومن صفاته الخيانة والغدر للفئة او الحزب او الجماعة التي ينتمي اليها ، فهو يجيد لعب كل الادوار ، والحصول على منافع حتى لو كانت غير انسانية وغير اخلاقية ، لايردعه عن ذلك دين او حياء او عرف  اجتماعي ، او قانون  ، وسرعان ماينقلب على ادعاءاته ، ومن صفاته السعي للصعود على اكتاف الغير،  من خلال سلوك نفاقي،  حيث يتكلم ويتصرف عكس ما يضمر ، ويتظاهر بالصلاح والحرص ، لذلك اشار القران لهذه الصفة الذميمة بقوله جل علاه ( واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انما نحن مستهزئون )  اليقرة  14-15 والانتهازية تقوى وتترعرع في فترات يسود فيها الفساد والهوان في المجتمعات او في الحركات السياسية التي ينتمي لها هذا الانتهازي ، مما يشكل خطرا كبيرا فيما اذا تمكن هكذا نموذج من احتلال موقع قيادي،  في اي سلم يتوصل اليه حزبيا كان او حكوميا،  او في دوائر او مؤسسات معينة ، عندها يكون واجب الطليعة المثقفة المؤمنة والتي لديها بصيرة ونظرة تحليلية ثاقبة ان تسلط الضوء على هكذا نموذج وتحذير الاخرين من مكائدهم  ، لان التكاثر والانشطار الذي ينبعث من هذه الشريحة،  ان تمكنت من القيادة او التصدي لتوجيه الامة او الجماعة ، ستدفعهم حتما لوادي الظلام والظلال والابتعاد عن الحقيقة، ان تنامي وتطور عمل الانتهازيين،  وشخوصهم تجعل من البناء وتطوير الوعي السوي والمخلص في عداد الاستحالة ، وللعلم ان كثير من الانتهازيين توصلوا لمقامات مرموقة ، في سلم قيادة الشعوب ونظرة على التاريخ ترينا الاضرار الجسام الذي سببها هذا المرض الاخلاقي،  في كل زمان ومكان وحركة او دين او حزب او عشيرة او اي تجمع بشري مفترض .

 

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
Jaas Ammf
2023-01-04
اجدت استاذنا الفاضل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك