المقالات

التغير المنتظر..متى وكيف؟!


محمد جواد الميالي ||

 

سيكولوجية المجتمعات تختلف من بيئة لأخرى، حسب الظروف المكونة للنسيج المجتمعي هناك، كذلك الخطاب الديني السياسي، الجامع والقائد للعقل الجمعي للفئات الناشئة، فهو مؤثر أساسي في تكوين مسيرة الأمة، نحو أن تكون متطرفة أم معتدلة.

دائماً ما تتولد رغبة في التغيير لدى الأجيال المتعاقبة على الحكم، فكل منها يأخذ حيزاً  يقارب الثلاثين عاما، وبعدها يبدأ الصاعدون بالتطلع إلى إيجاد بدائل في الأنظمة الحاكمة، لخلق قواعد تتناسب مع ما يطمحون إليه، لذلك يكون أمام الشباب ثلاث خيارات لا رابع لها، أحلاهما مُرّ..

 أولهما أن يسير جزء منهم خلف الأحزاب التقليدية الماسكة لدفة الحكم، لأنها تتماشى مع أيدلوجيتهم السياسية والعقلية، يجدون أن ما يفعلونهُ من تأييد ومناصرة لسلوكيات قادتهم في السلطة، برأيهم صواب وما عداه خطأ.. وهؤلاء غالبيتهم يكونون من الطبقة الفقيرة، التي تعيش في ظروف معيشية صعبة..

أما الجزء الآخر فيكون ثورياً يريد تغيير واقعهُ مهما كلفه الأمر، ودائماً ما يفكرون بالطرق غير السلمية، لأنهم ينظرون إلى أن المسيطرين على الحكم هم عدوهم الأكبر، الذي لن يخضع لمطالبهم إلا بالقوة، لأن عقلهم الباطن فيه تفكير واحد "أن الحكومات تأخذ ماتريد بالقوة، ولا تتنازل إلا بالقوة" لذلك يلجؤن إلى التظاهرات دائما، وغالباً ينشأون من الطبقة الفقيرة أيضاً التي لاتملك عملاً لها، محبطون منكسرون وهناك دوما من يدفعهم إلى نار المواجهة، حتى لو كلفهم ذلك حياتهم..

الإنسان الثوري لايمكن له أن يكون قائداً في المجال السياسي، لذلك نرى وبعد إنتهاء الثورات تنتج أنتهازيين هدفهم الوصول للسلطة، للأنتعاش من منافعها بعمل تيارات وأحزاب ناشئة، كل هذا على حساب دماء الفقراء، ولا يستمرون لمدة أكثر من التي تكفي حصولهم على الأموال والمناصب، ومن ثم تختفي شعاراتهم الرنانة، ويبقى الفقراء والمندفعون كما هم، لا يزدادون درهماً ولا ينقصون!

أما الجزء الأخير فيمثل الطبقة الأكبر، التي ليس لديها ردة فعل تجاه الأحزاب التقليدية، ولا هم مع الشباب الثوريين، وإنما يبحثون عن كل ماهو هادئ، سواء كان نظاماً دكتاتورياً أم ديمقراطياً، وغالباً ما يكون خيارهم الهرب خارج البلاد في حال تأزم الصراع بين المتناحرين، فتجدهم يهربون من الخوف، ويرتمون في حضن الذل، خارج أسوار الوطن.

إذاً بعد ما ذُكرَ أعلاه سينتج لنا ثلاث توصيفات للأجيال، الأول أما يحمل راية الفكر المدافع عن قائده، أو يرفع العصي والسلاح في وجه من يحتج على أنظمة الحكم، الثاني هم الجيل الذي يُضرَبْ بالعصي والنار، من قبل أخوتهم في الدين والوطن، الطرفان يفكرون أن ما يفعلونه من أجل الوطن، وكلاً منهم يرى فعلهُ هو الصائب.

أما المهاجرون من البلاد، السائرون نحو المجهول، الهاربون من شعارات" أمة عربية حرة.. " و " حكم الشعب.. "  فلن يجدوا سوى ما حصل للمرأة السورية العجوز في تركيا، عندما ركلها شاب تركي على عينها، ولم يتدخل أحد لإنصافها..

كذلك من يثورون لأجل لقمة العيش أو فرصة عمل، فلن يجدوا سوى جندياً يضربهم أمام الناس ولا معين، فالظلم هو نفسه..

هذا يضعنا أمام حقيقة ثابتة، أن الثائر في النظام المستبد، والمهاجر من الحرب، لن يجدوا سوى محاولات للإذلال والمهانة، ومن يريد التغيير الحقيقي في الأنظمة الديمقراطية ولو شكلياً، عليه أن يختار مرشحهُ بوعي، ويدفع الشباب إلى المشاركة الفاعلة في الإنتخابات، وإلا لن نحقق سوى شعارات خيالية لاتغني ولا تسمن من جوع.

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك