المقالات

الغبار الذي غير لون عباءتي..!


لمى يعرب محمد ||   في صباح احد أيام شهر الربيع، خرجت من منزلي قاصدة محل عملي، وقد أهدانا هذا الشهر اللطيف صيبا نافعا، وأنا أسير في طريقي وأشم رائحة الأرض الندية، رأيت نخلة باسقة قوية، ذات سعف اخضر مفعم بالحيوية، ومشبع بماء المطر، أحيطت بهذه النخلة سحابة كثيفة، تمدها بخيرات الله التي لا تنفد، بدت السحابة وكأنها وسادة ناعمة لامعة، حاكتها أشعة الشمس، يا لجمال هذا المنظر!!.. اعترف إني وضعت يدي على جذعها الرطب واحتضنتها كما احتضن أبي وأمي، فامتزج لوني بلونها، وأنا الآن بقمة السعادة صحت احبك يا نخلتي العزيزة .. غادرتها وأفكر بشموخها وعنفوانها فقلبي قد تعلق بها، ولا اعلم إن هذا اليوم هو أول أيام تشردي الدائم، الأنفاس الثقيلة بدأت تغطي المدينة، وكنت وحدي أنا وغربة بلدي، تبدلت الوجوه وحل الظلام، لا مجال للرؤية فقد علا غبار الوحدة، اتجهت عيني صوب العالم، أرى من سيساعدني بإنقاذ نخلتي، طرقت أبواب الأصحاب، فوجدت عمالتهم توافقية بالأجماع !!.. لاقتلاع نخلتي.  فمنهم من قال:- اقطعوا الماء عن النخلة، ومنهم من قال جهزوا الفؤوس، ومنهم من قال احضروا لها السم وقال قائدهم الأكبر من يشارك في قتل هذه النخلة له الجائزة العظمى!!.. بين هذا المشهد المفزع، وأنا اصرخ ما الذي يحدث يا نخلتي؟!!.. مر بجانبي رجل معه فرس ابيض وهو يهز برأسه ويقول:- لقد قرروا أصحابك أن يقتلعوا نخلتك لتنفيذ الطريق وانه لا يوجد أمامك شيئا تفعليه، وأنا حزينة غاضبة صرخت بنخلتي، وأردت أن أقول لها:- افعلي شيئا ما!! ثوري تمردي!!.. قولي لهم أنا الشامخة الباسقة، ثم أدركت أن الأمر ليس بيدها هي، وبينما أنا أحتضن النخلة، هبت رياح قوية غيرت لون عباءتي ونخلتي، أدركت عندها بان الأصحاب قد وصلوا لاقتلاع النخلة، كان السيد صاحب الفرس الأبيض يترقبني بهدوء، يقترب مني شيئا فشيئا فهمس بأذني وقال " وَنُرِ‌يدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْ‌ضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِ‌ثِينَ".

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك