المقالات

المليشيا الايديولوجية


د. حميد الطرفي  ||

 

وأنا أقلب صفحات كتاب المفكر المغربي عبد الاله بلقزيز (الداعية ، الممكن والممتنع في أدوار المثقفين ) شدني مصطلح (الحرب الأهلية الفكرية) و( المليشيا الايديولوجية ) في الفصل الثالث من الكتاب وهو يناقش محنة المثقفين في ظل نشوب هذه الحرب وطغيان تلك المليشيا على الساحة عبر الاعلام المرئي والمسموع ، فلا سوق لبضاعة المثقف العربي أو المسلم  اليوم والعراقي على وجه الخصوص ، لأن البضاعة الرائجة والمطلوبة هي بضاعة الحرب الأهلية الفكرية ، فلا وجود للتسامح ولا لأدب الحوار ولا لثقافة الاختلاف ، فاذا أردت أن تسوق بضاعتك فما عليك إلا أن تسب هذه الكتلة سباً مقذعاً أو تقذف خصمه  بأقبح العبارات لترى الكم الهائل من الاعجابات ومشاركة منشورك أو تغريدتك . يأسف المثقفون وهم يرون بعض الإعلاميين من هذا الطرف أو ذاك كيف يصولون  ويجولون ضد محاوريهم من الطرف الآخر  وعلى طريقة برنامج (الاتجاه المعاكس ) الفتنوي ، حتى يغادر أحدهما الاستوديو استنكاراً لخصمه واعتراضاً على أطروحته ، و مقدم البرنامج يتظاهر بحركات مسرحية وكأنه متأسف وحزين لما يحصل ، لكنه فرح ومسرور في قلبه لأن برنامجه سيحوز بهذا العراك على أعلى نسبة للمشاهدة فضلاً عن تنفيذ الاجندة من الداعم والممول الأكبر للقناة  . المليشيا الايديولوجية هي مقدمة المليشيا المسلحة ، والحرب الأهلية الفكرية هي مقدمة للحرب الأهلية المسلحة ، ورب قائل يقول المليشيا المسلحة في العراق موجودة فلم الخوف من المليشيا الايديولوجية ؟  ونقول نعم إنها موجودة لقتال عدو حقيقي داخلي اتفق الجميع على محاربته وهو داعش التكفيري ، وعدو خارجي متفق عليه ايضاً وهو اسرائيل ، وكل تلك المليشيا ستخضع يوماً  لسلطة الدولة عندما يستقر النظام السياسي وتستعيد الدولة هيبتها وقوتها . أما المليشيا الايديولوجية الجديدة فهي تؤسس لخراب وهدم وتدمير الدولة أو ما تبقى من الدولة بتعبير أدق . الحوار لغة الكبار والشتائم حيلة العاجزين الصغار ، والسياسة صراع وتعاون وتنافس وتوازن كل ذلك تحت السقف المدني المباح بعيداً عن السلاح أو ما يمهد للسلاح .

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك