المقالات

محددات القوة في ديمقراطية العراق


محمد حسن الساعدي ||

 

لا يخفى حجم التحديات التي تعرض لها العراق بلداً ووجوداً وشعباً ، حيث تسير الديمقراطية مع الفوضى والقتل والدمار ، ولا يزال العقل الأمريكي يراهن على هذه الورقة رغم احتراقها ، وانهيار كل الآمال والوعود والعناوين والشعارات على أرضية الواقع السياسي الهزيل ، الذي حول الشعب العراقي إلى كبش فداء لكل العناوين الإجرامية الإرهابية وأصبح مشرداً لايملك أي خيار سوى أن يعيش في أرضه غريباً وتحت وطأة سيف الإرهاب الداعشي المتكرر، وإهمال وتهميش الحكومة الديمقراطية في العراق الجديد .

الديمقراطية وفق هذه النظرة تعني مشاركة أبناء الشعب ومنحهم القدرة في التأثير على صنع القرار السياسي في البلاد ، إذ لا خلاف أن الديمقراطية تعني المشاركة في صنع قرار مصيري يهم الشعب ومستقبله ووجوده .

ربما في العراق الجديد حصلت بعض مفردات الديمقراطية ، ولكنها ما لبثت أن تلاشت بسبب تسلط وديكتاتورية فكر الأحزاب الحاكمة ، والتي مزجت بين الديمقراطية وبين مسك السلطة بقوة وبدون أي حاكميه للشعب ، فنرى أن الحاكم اخذ بزمام السلطة وبدا ببناء شبكته العنكبوتية للسيطرة على جميع مفاصل الدولة ، دون أي مصد ديمقراطي أو حجة سياسية يمتلكها في هذا الإجراء ، إذ المتابع يرى أن العراق لم يعرف الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على أساس حرية الفرد .

القراءة الأمريكية للعراق واجهت نكسة كبيرة ، إذ أنها رأت أن التغيير الديمقراطي هو العنصر الحاسم في حماية مصالحها في المنطقة عموما والعراق خصوصاً من خلال السعي لإقامة نظام ديمقراطي مقبول ،ولكنها تفاجأت بتعقيدات المجتمع العراقي وتنوع قومياته ومذاهبه ، ولم تفهم أن التغيير يجب أن يأتي من الداخل ووفق تسلسل وسياق تاريخي ، ولا يفرض عليها بأي قوة كانت ، إذ لايمكن تحقيق أي تقدم أو تغيير. في مجتمع من خلال الوصفات الجاهزة القادمة من الخارج .

الأزمة السياسية بعد الأحداث الطائفية التي تعرضت لها البلاد عن هشاشة الثقــــــــــــــافة السياسية لعموم سياسي العراق الجديد ، بل عكست عدم رصانة العملية السياسية ، خصوصاً في ظل التفرد الحزبي والطائفي للبلاد ، بل وصل بنا الحال إلى حكم العائلة والبيت الواحد ، وهذا بحد ذاته كسر وانهيار لأي عمل ديمقراطي سياسي سواء على المستوى الثقافي أو على مستوى فهم الممارسة الفعلية لأي عمل سياسي وعلى مستوى المؤسسات والشخوص ، أو حتى على مستوى النخبة السياسية التي هي الأخرى انهار دورها أمام حكم الإقطاع .

اعتقد إن هناك ثمة فقر كبير لسياسينا لمفهوم السياسة والديمقراطية ، كما إن الجمهور هو الأخر يعاني من سطحية في الفكر ، وانتماء جهلوي للشخوص سواء الدينية او الحزبية والتي ثبت انحرافها ولأسباب حزبية ضيقة لا تمت إلى الوطن والعقيدة بأي صلة ، الأمر الذي جعل الجمهور يسير في نفق مظلم لا يعلم نهايته ، ولايهمه كثيرا النهاية ولكن المهم هو التمسك بفكر وعقيدة حتى لو كانت تخالف العقل والمنطق والسياقات العرفية والاجتماعية.

اعتقد أن الديمقراطية في العراق في حالة موت سريري ، بل ربما أعلن وفاتها ولكن بصمت في ظل أجواء التسلط والديكتاتورية والانحراف السياسي ، والذي بات ظاهرةً وعنواناً كبيرا للتجربة الإسلامية في البلاد ، لان الديمقراطية هي نظام سياسي يترك سلطة المسؤول تحت المراقبة ، وقيد الإشراف والمتابعة مع إفساح المجال لعبقرية الأفراد السياسية للتعبير عن ذاتها .

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك