المقالات

وداع شهر الله، غربة الأرواح..


كوثر العزاوي ||

 

لعل أكثر المشاعر الإنسانية وجعًا هي مشاعر الوداع! لإنها الفيصل الذي يُختَبر فيه كل إنسان ليتميز غليظ الطبع من ليّنه، وبأي شكل من الأشكال، سواءً في وداع صديق أو حبيب أو قريب، اضطرارًا كان أو قهرا، ومع كل محطة وداع يشعر الشخص بالغربة والحزن وكأن جزءً يُستَلُّ من كيانه، وقد يبقى ذلك المثكول  يؤازر نفسه ببعض الهمس والآهات التي لا يعلم هل تواسيه أو تزيد حزنه، كي تجعله قادرًا على تخطي مااصابه من وجع، وهو يعلم ان لااحد يفقهُ كنهَ حزنه ليخفف عنه

أما الحديث عن مشاعر الوداع لشهر الله الذي انطوى كما الشهقة والزفرة فهو حديثُ وجع الروح والمعنى كلما شارفت أيامه عتبة الرحيل! مايعني فقدان السند والحصن والناصر والمثبّت والملهِم! فكل هذه الخصائص تجعل من المؤمن مثكول مصاب بأعز مَن تعلّق به في أيام معدودات، حملت بين طياتها معاني الملكوت المتجلّية في اسحار لياليه وسِحْر ليلة القدر،  وماأدراك مالية القدر! ذات البهاء والسلام والخير الكثير! وهي عند الله خير من ألف شهر!! ولاعجب ان تلحّ مشاعر الفقد والوحشة برحيل شهر رمضان لتسبب كل هذا الاعتصار والانقباض والروح لم تفتأ تداوي جروحها، وتكبح جماح النفس التي راهنت رغباتها وقمعت شهواتها، وما بين رشحات الحب وزفرات الشوق، إذ تباغت الايام خلوتها لتعلن انقضاء مدة اللقاء!! فوالله إنها محنة روح سكرى ومشاعر نشوى، وإحساس ضاغط لايرقى له أي احساس!!، ولاعجب! ونحن نلمس ذات الاحساس بل أقوى واسمى، حينما نقرأ نبضَ خيرة الخلق "الإمام المعصوم"ملخِّصًا خيره وبركاته فيقول:"وَقَدْ أَقَامَ فِينَا هَذَا الشّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ، وَ صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ، وَأَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ"

وقد ودّعه وداع عزيز يعزّ عليه مفارقته ويستوحش بالانصراف عنه وكما بيّن"عليه السلام" بقوله:

{فنحن مودّعوه وداع من عزّ فراقه علينا،وغمّنا وأوحشنا انصرافه عنا، ولزِمْنا له الذمام المحفوظ، والحرمة المرعية، والحق المقضي}{السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان}

ومن هذا المنطلق ترسخت مشاعر الحب في نفوس المؤمنين لمعرفتهم قدره وجليل شأنه فعاشوا محنة رحيله وصعوبة مفارقته!ولطالما شكّلت ساعة من ساعاته منعطفًا كبيرًا في حياة أحدنا ممن قد غفل أو جهل او قصّر او أغواه الشيطان فوقع في معصية او ظَلَمَ احدًا او قصّر في حق من حقوق والديه أو اهله او المؤمنين، فكان شهر الله هو الفرصة الذهبية الثمينة لتدارك كل ذلك بالتوبة والعودةالى ساحة رحمة الله ومغفرته لتكون الخاتمة حسنة مع أوان رحيله! وحلول ليلة عيد الفطر ليلة الجوائز كما ورد في الحديث عن الامام جعفر الصادق "عليه السلام"حيث يقول:

{من ختم صيامه بقول صالح أو عمل صالح تقبل الله منه صيامه، فقيل ياابن رسول الله، ما القول الصالح ؟ قال:شهادة أن لا إله إلا الله، والعمل الصالح: "إخراج الفطرة"

والحمد لله رب العالمين

 

٢٦رمضان١٤٤٣هج

٢٨-٤-٢٠٢٢م

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك