المقالات

من الألف الى الياء الحلقة الثالث والعشرون (اللسان )


 

( وما يلفظُ  من قولٍ  إلا لديه رقيبٌ عتيدُ ) سورة ق الاية 8

 

اللسان هو  ذلك العضو الصغير القادر على ترجمه مكنونات انفسنا  فهو المرسل الوحيد بين الجوارح  و الوسيط بين النفس والعالم الخارجي ،  فباقي الجوراح  كالعين والأُذن مستقبلات لصور مختلفة من العالم الخارجي ووسيطة بينها وبين العقل ، فهي كالناقل الامين في حين أن اللسان هو الناطق الرسمي عن الإنسان .

إن اعتلاء  هذا المنصب ( الناطق الرسمي )  جعل من اللسان  متصدرا ً في تحمل مسؤولية ما يعلنه ، فهو بين أن يكون منجي لوجود الإنسان او مُهلك  وبحسب أُسس  الحُكم العقلي  الذي يُطلق من ذات الإنسان ، فإن كانت تلك الأُسس مشوبة بهوى النفس ورغباتها  تلوث الحُكم وقاد الإنسان الى ما لايُحمد عقباه ،  وقد يُخطىء العقل ذاته في الحُكم إن لم يكن ذا مساحة من المعرفة وشابه الجهل عند ذلك سنصل الى نفس النتيجة التي يطلقها اللسان على عجل ويتحمل خطئها  أو صحتها  والاثار المترتبة عليها الى يوم القيامة .

إن مشكلة اللسان ليس فقد في منصبه بل في طبيعته العجولة  وعلاقته مع القلب فهو قادر على التأثير على القلب والعكس صحيح فيمكن أن يجري الكلام على اللسان ولم يأخذ العقل وقته ليستكمل الحُكم  النهائي فاللسان قادر على التواصل مع العقل والقلب ويُمكن ان يندفع بسرعة لا يتوقعها كليهما .     

لذا ذكرت الروا يات إن اللسان يُلام ويُعاتب من قبل باقي الجوارح فعن الامام الحسين ع ( إن ّ لسان ابن ادم يشرف كل يوم على جوارحه ، كل صباح فيقول : كيف اصبحتم  فيقولون بخير إن تركتنا ، ويقولون :  الله الله فينا ويناشدوه ويقولون إنما نثاب ونُعاقب بك ) 

إن ّ الافخاخ التي يقع فيها اللسان كثيرة ومتنوعة وهذا ما يجعل خطورته اكبر ونسب تجاوزه الامتحان بنجاح اقل  فبين خوض في باطل أو مراء أو مجادلة أو سب وشتم  أو إفشاء سر أو كذب أو غيبة  ، فماذا يبقى له من مساحة يخوض فيها في امان وسط هذه الارضية الملغومة !!!!

حثت الاحاديث على فضيلة الصمت وعلى اهمية التفكر قبل الكلام  وقلته ليحفظ الانسان نفسه من الوقوع في المهالك ولم تكتفي بذلك بل اعطت مساحة امنة  لللسان للخوض فيه وهي ساحة  قول الخير دائما و ذكر الله عز وجل  وبمعية التفكر تارة والصمت والسكوت تارة اخرى يُخلق توازن للتحكم بعجلة اللسان ونوع ما ينطق من الكلام . 

 هكذا كانت خطورة اللسان منذ الازل ودائرة التعامل ضيقة !!، ترى ما السبل التي يجب أن نستخدمها الان  وقد وسعت الدوائر الى حيث يصعب العد !!  لقد ساهمت برامج التواصل الاجتماعي وتنوعها في تفاقم  الازمة واشرك اللسان الاصابع معه في الجُرم  فالصوت يُنقل والكتابة تُرسل وساحة الابتلاء تتسع .

اللهم احفظ السنتنا عن ما لا ترضاه ووفقنا لذكرك وحمدك ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين ابدا 

                                                                                       23- شهر رمضان – 1443هــ 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك