المقالات

من الإلف الى الياء ... الحلقة السابعة عشر ( الظُلم )


( ... وما ظلمونا ولكن كانوا انفُسهُم يظلمُون ) سورة البقرة  الاية 57

الظُلم  هو وضع الشيء في غير موضعه ، ويُعرّف كذلك بالجور وتجاوز الحد ، وهو فعل يقدم عليه الإنسان بمحض إرادته  في دوائر تعامله مع الله تعالى ومع الناس ومع نفسه .

فقد يتجاوز الإنسان حده مع شرع الله وبذلك يكون قد مارس الظُلم ولكن ليس في قبال الذات الالهية وإنما في قبال شرعه تعالى وعليه فمن المستحيل وقع الظلم على صاحب السلطان والقدرة المطلقة  ( وما ظلمونا ) 

وعلى الرغم من جراءة مخلوق ضعيف في حق خالقه غير ان الله تعالى وعده بإمكانية الغفران  الا ان كان الظلم  بعنوان الشرك فوضع الشرك في مقام التوحيد هو عمل يُغلق في وجهه باب الغفران وفي الحديث الشريف عُبر عن هذا النوع من الظلم بأنه ظُلم لايُغفر. 

أما تجوز الحد مع الناس كاالاستغابة او وضع اليد على اموالهم وممتلكاتهم أو السخرية منهم كل هذا يصب في جعل أحد الطرفين ظالم والاخر مظلوم وهذا النوع من الظُلم وصفه الحديث بأنه ظُلم لا يُترك فجزاءه أما القصاص أو العفو .

وأما النوع الثالث من الظُلم فهو ما يمارسه الإنسان في حق نفسه ؟ وكيف يكون ذلك وقد فُطر على حب الذات ؟! فهل يضر الإنسان نفسه ؟

نعم إنّ الإنسان فـُطر على حب ذاته فهو يدفع عنها ما يضرها ويستجلب  ما ينفعها  غير أنه يمكن أن يُقدم على تجاوز الحد في حقها ! وألامر يبدأ من دعوة النفس ذاتها للإنسان بإضرارها ! فكما وصفناها في حلقات سابقة بأنها كالطفل الذي يسعى لتحقيق رغبة ،  وهي قوة جارفة ،  مالم تتوفر حكومة عقلية تكبح جماحها .

وعليه فإن المدخل لتجاوز حد النفس وظلمها يكون عبر بوابتين الجهل والغفلة  ، فالعقل إن لم يكن يتسم بالحكمة والمعرفة فإن مساحة كبيرة منه سيحتلها الجهل وبالتالي فإن اشرافه على النفس لن يكون بالسيطرة المطلوبة ، كما لو تناول الإنسان سُما ً  ، أما الغفلة فهي تحدث وأن كان العقل حكيما ً فهي برهة زمنية تُفسح  لنوافذ النفس بالافلات  في صمت من العقل   ، فزلة لسان هنا ونظرة شبهة هناك كفيلة بتحقق الغفلة ووقوع الظلم  في حق أنفسنا ، لقد وصف الحديث هذا النوع من الظُلم بأنه  ظُلم مغفور لا يُطلب ومشكلته في انه لا يُدرك الا عن بصيرة . 

إن الظلم بين الناس  يقع بين طرفين بإرادة أحدهما ، وبلا شك لابد من جزاء للظالم على أرادته لذلك الفعل ، أما المظلوم فيكون له الحدث بمثابة اختبار فإن جزع أو أنكسر فتح ابواب التراجع والتخبط وقد يمارس الظُلم لردء مظلومية !!!  ومن جانب ثاني قد  يتقبل الامر بصبر ويكله للسماء ويتعامل مع المعطيات الجديدة لاكمال مسيرته وهو امر لايخلو من ايجابية  لانه لايترك بصمة ساكنة  في نفسه وانما يتحول الى رد فعل عقلائي تجاه ازمة ، ولكن ان استطاع أن يستثمر المظلومية كنقطة انطلاق تدفعه وغيره للامام   سيكون الامر في غاية الحكمة ويقف أمامه الظالم عاجزا ً ، إن خير من استثمر المظلومية  إيجاباً  هم أكثر ثُلة وقع عليهم الظلم الا وهم اهل البيت عليهم السلام  تحملوها وصبروا عليهم واستثمرها لانارة دروبنا عبر اجيال   

فأي فضلم تكرمتم به علينا ياهل بيت نبينا ص ؟ 

 عن أمير المؤمنين المظلوم   ( لايكبرن عليك ظلم من ظلمك فإنه يسعى الى مضرته ونفعك )

17 شهر رمضان 1443هـــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك