المقالات

عاقبة الأمرهاجس الصالحين 


  كوثر العزاوي||   إن من أشدّ مايشقُّ على الإنسان ذو الصلاح والخشية، هو أمر خاتمته ومآل عاقبته قبل نفاد مسيرة العمر المقدّرة له بعد قطع أشواط في الحياة ومحطات بين المد والجزر، والانحناء والاستقامة، وقد جاء في الدعاء{اللهم واجعل عاقبة أمري إلى خير، واختم لي بالتي هي أحسن وأحمَدُ عاقبة، وأكرمُ مصير}. ولعل سائل يسأل: هل للإنسان يد أو دور في صنع عاقبة أمره فأن كان خيرًا فخير وان كان شرّا فشرّ؟!  نعم..فقد أكدت التفاسير والأحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة"عليهم السلام"أنّ للإنسان دَور وموقف من الأحداث ومايجري اثناء مسيرته الحياتية، بدليل قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}الروم ٤ وأيضا ماجاءعن سيد البلغاء"عليه السلام" {واعلم أن لكل عمل نباتًا، وكل نبات لا غنى به عن الماء، والمياه مختلفة، فما طاب سَقيُهُ، طاب غَرسُهُ، وحَلَت ثمرته، وما خَبُث سَقيهُ، خَبُث غرسُهُ، وأمَرَّت ثمرته}نهج البلاغة ص ٦٥٤ ولانريد ان ندخل في بيان فلسفة الابتلاء والعقوبة ومسألة الحكمة الإلهية من الأحداث والظواهر الحاصلة ودور الإنسان في استحصال عاقبة أمره وذلك لخروجنا عن دائرة المراد، او لأنه يحتاج الى بحث عميق وطويل لسنا بصدده، وملخّص القول بمقدار مامتَّفق عليه عقلا ومنطقا، هي هذه الكلمة التي تؤكد خلاصة المطلب بأن{النتائج حصاد المقدمات، فكلما كانت المقدمات سليمة وصحيحة كلما كانت النتائج صحيحةوناجحة}أمامانريد التأكيد عليه وهو الأهم، هو ضرورة الثبات والمحافظة على المكاسب الإيجابية المثمرة التي أنتجتها تلك المقدمات الصحيحة، وحتى هذه اامقدمات لاشك أنها وعلى طول مسيرة تجارب ومواقف  لابد أنها قد تعرّضت الى الكثير من الهزاهز والعثرات حتى وصلت إلى ماوصلت اليه اليوم من سلب وإيجاب، ترى! فهل للإنسان ان يتنبّه الى ضرورة المحافظة على النتائج ومسك مساحتها التي أثمرت خيرا وصلاح؟؟ هذا ماأردنا ان نشير له من معنى"عاقبة الأمر" ودور الإنسان في صناعتها سيما الإنسان المؤمن ومن يمتلك زمام نفسه بقوة الإيمان والتقوى، غير أنّ الإيمان من دون السیطرة علی النفس،لا يُزهر ولو مرّ علی ذلك مئة عام من عمره، فإن لم يسیطر علی نفسه، لم يسیطر علی بصره، ولم يسيطر على غضبه، بل ولاعلى أهوائه وميوله، ومثلُ هذا ينطبق على كل مجالات الحياة الشخصية منها والاجتماعية والسياسية والأسريةوفي كل مفصل من مفاصل الحياة العملية،ولعل هناك مبدأ أو منطلق ينبغي التوقف عنده وقد رسمَ لنا خارطة الطريق لنحدّد الهدف السامي وفق ماوجَّهَنا مولانا سيد المتقين"عليه السلام"  في قوله:{جهاد الهوى ثمن الجنة}   وبما أن الجنة هي الغاية والعاقبة المرجوّة بعد فناء الدنيا، إذن جهاد هوى النفس هو نقطة الانطلاق لضمان إستقامة المنهج للحياة لاستحصال حسن العاقبة،لتكون حياة الفرد كلها جهاد دون غفلة واذا حصلت الغفلة فالطريق إلى اليقظة مفتوح بلطف من الله"عزوجل"وهو القائل: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}  الاعراف٢٠١  فطالما كلّ فرد في الواقع إنما هو معرّض للغفلة والعثرة فهو في جهاد مع النفس مادام في موقع مسؤولية أمام الله والناس، ولكن وفي لحظة أنانية يغفل الهدف الأسمى أو بدافع الهوى والعصبية"والعياذ بالله"لتجد مؤمنًا قد ينال من شأن قضية من القضايا المقدسة مثلا، كمن ذاك الذي يسيء متنمّرا على أبناء جلدته وشركائه في المعتقد، متعرّضًا لرموز بلاده وجيرانه ومَن هم في النصح والاعتدال والغيرة بمكان،ليمنح نفسه حق التخبط في الصدارة كما يمنح عدوّه فرصة الانشراح والشماتة، فضلًا عن استغلال الثغرة التي من الممكن جدا اختراق العدو للمقدسات ومصادرة الحريات والخيرات فضلا عن العبث بعقول عوام الناس ليكون هو السبب في انهيار أمة قد حباها الله بالاسلام والعزة!! ومثل هذه العاقبة وغيرها الكثير تعدّ انتكاسة في تاريخ ذلك الشخص او تلك الجماعة او أولئك القوم، فأي عاقبة أسوء من الخيانة والغدر!! وبالتالي ينبغي على المؤمن توخي الحذر من ختام مسيرته بزلةٍ لاتغتفر،فأنه لاخير فيما لاعاقبة له. ومن أحسنَ وأصلحَ سريرته وجاهد هواه، حَسُنت عاقبته، والعاقبة للتقوى.   ١رمضان ١٤٤٣هج  ٣-٤-٢٠٢٢م
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك