المقالات

لاتحزن... كلنا اغبياء


د.قاسم بلشان التميمي ||

 

في صباح يوم مشمس  جميل ممزوج (ببرودة خفيفة) ،وخلال تجوالي في مدينتي الممتلئة بـ ( ؟!) خطر في (بالي) ان اجلس في احدى المقاهي كي(احتسي قدحا من الشاي ) بمعنى اشرب (ستكان جاي) وكانت المقهى مليئة بأناس من مختلف الاعمار والالوان ،وكنت اطالع الوجوه المصفرة والمغبرة  داخل المقهى ، وانا لا اعرف من اين جائتهم الصفرة والغبرة وربما جاءت من كثرة شرب ( الحامض) او اكل لفات ( العمبة)،(العنبة) خصوصا مع وجود محل لبيع عمبة او عنبة  ايام زمان مقابل المقهى ، وربما الصفرة جاءت نتيجة الخوف والفزع الذي ينتاب اصحاب هذه الوجوه مع كل تصريح (لأحد الأفندية) وهو يركز على ضرورة(السرقة أقصد الوحدة الوطنية ووحدة الصف) وما الى ذلك من هذه ( الخرابيط !) التي ابتلي بها اصحاب الوجوه المصفرة ، واثناء جلوسي في المقهى ،التقطت (اذاني) حديث عن الوضع السياسي في البلاد بين شخصين ،  وعلمت من خلال حديثهم ان احدهم يعمل (صباغ احذية)  والثاني يعمل (حلاق) ،وعرفت  ايضا ان صباغ الاحذية خريج جامعي !! والحلاق ايضا خريج جامعي ، ولاريد ان ادخل في تفاصيل حياتم بقدر مااريد ان انقل اهم ما ورد في محاورتهم ،حيث قال الاول (صباغ الاحذية) مخاطبا صاحبة ( الحلاق) ، لقد اثرت على نفسي ان اعمل في صباغة الاحذية خير لي من خدمة وحرس الأحذية ، فرد عليه صاحبه (الحلاق) نعم ان عملك هذا اشرف لك بكثير من العمل الذي اريد لك ان تكون فيه ، وهو عمل لايليق بشخصك . واكمل الحلاق كلامه مخاطبا صاحبه انك كما عهدتك دائما وابدا  (تفتهم ) وتأخذ الامور بعقلانية كبيرة واخذ الحلاق يثني على صاحبه (صباغ الاحذية)، وحقيقة الامر اصابتني حيرة كبيرة فأنا كنت استمع الى حديثهم وكان حديث اكثر من رائع وحديث (قيم جدا ) وكانوا يتبادلون الحديث بأدب  وثقافة عالية ويستخدمون مفردات مثل ( لو سمحت ، عذرا للمقاطعة ، انا اسف ولكن)، حقيقة كانو يستخدمون جمل رائعة وبعد كل هذا قررت ان اكسر ( حاجز السمع والبصر!!) فيما بيني وبينهم واتخذت قرار بأن اشاركهم الحديث من خلال جملة ( السلام عليكم وانا اسف جدا جدا للمقاطعة ولكن احببت ان اتعرف عليكم واكون صديقا لكم) وكان الجواب( وعليكم السلام عيوني اهلا وسهلا  نحن نتشرف بحضرتك) ، فأجبتهم ان الشرف لي خصوصا وانا اتحدث مع هكذا شخصيات ، فكان الرد ( رحم الله والديك بس احنه موشخصيات) واكملوا حديثهم ( عمي احنه ، واحد اجلكم الله صباغ قنادر، والثاني حلاق)، فقلت لهم ( الحمد لله) واكملت انه عمل شريف ،واحسن الف الف مرة من الذي سرق ويسرق رغيف الخبز من سارة و من احمد ، وكذلك اشرف من الذي جعل سارة واحمد بلا مأوى   حديثي هذا لاقى استحسان لديهم ، وبادر (صباغ الاحذية)، بسؤال عن عملي ، فقلت له اطمئن فأنا لم ولن اسرق رغيف الخبز من سارة واحمد ولم اجعلعهم بلا مأوى ، فأبتسم قائلا يعني انت ( مثلنا صباغ قنادر  لو حلاق) ، فأبتسمت وقلت له  اعتقد قريب منكم كثيرا فقال اذا قريب منا فهذا يعني انك ربما عندك ( بسطية مال شحاطات او غير ذلك) ،فقلت له انا اعمل  (صباغ عقول) او على الاصح مخاطبة (العقول)  ،فتدخل ( الحلاق) قائلا  بمعنى انك خريج جامعي مثل حالي وحال صديقي ابو حقي ،فقلت له نعم ،واستدركت لكن عندي سؤال لصاحبك ( صباغ الاحذية ابو حقي) ،فقال ابو حقي اسأل استاذ، فقلت له لقد سمعتك تقول لصاحبك انك اثرت على نفسك ان تعمل في صباغة الاحذية خير من تكون خادما وحارسا للاحذية ، فضحك ابو حقي ضحكة عالية ،وقال لي ما زحا انك تعمل سارق (سمع احاديث الغير)، ثم استدرك العفو العفو استاذ انها (مزحة) واكمل حديثة نعم يا استاذ لقد قدمت اوراقي (للتعيين )  ، وبعد معاناة  وتقديم( القرابين) تم تعييني حارسا في باب (واحد من  ا لقنادر) واردف ( وياليته كان قندرة اصلية) ، فقلت له لم افهم ،فقال لي بأختصار لقد تم تعييني  حارسا في باب  احد الافندية  الذي لم يكمل حتى دراستة المتوسطة ولكنه اصبح بين ليلة وضحاها في مركز كبير  ، ، فثارت كرامتي ورفضت التعيين  ولكن وجدت نفسي ان اعمل مجددا في  مجال الاحذية ولكن هذه المرة مع  الاحذية الاصلية !!  واحببت ان اسأل ابو حقي اسألة كثيرة وكثيرة ولكن لم اتمكن لانني كنت متاثرا جدا لحاله وحال صديقه، فقلت له انهم اغبياء كيف يتعاملون معك ومع امثالك هكذا فقال لي ابو حقي لا تحزن ياصديقي كلنا اغبياء!!.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك