المقالات

التثاقف الإيجابي للبنى الواعية المؤسسة للفتوحات الإسلامية..


 

الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||

 

يطرح المستشرق الفرنسي (لويس ماسنيون ) رؤية مفاهيمية مستمدة من مرجعية فكرية قائمة على أساس اصدار الآراء الاستباقية غير المتكاءة على وسادة الموضوعية في التناول والطرح للقضايا الإسلامية ومنها مسألة الفتوحات الإسلامية .

  فبغض النظر عما حصل من هنّات رافقت الفتوحات الإسلامية ألا اننا لايمكن تسقيط البعد التعميمي على الموضوع ككل فالبعض ينظر للمسألة وكأنها عملية إبادة كما فعل الغرب في حروبهم قديما وحديثا لكن الحقيقة ليست كما يتبنونه من رؤى ومفاهيم وتصورات.

  إذ ان روح التمازج والتثاقف الإيجابي كانت حاضرة في أغلب جوانب ومفردات حركة الفتوحات ، فالمسلمين لاضير في منظومتهم الفكرية أن يحكمهم فارسي او تركي مادام انتماؤه للمدرسة الإسلامية نعم ربما المتتبع لتاريخية الجانب السياسي يأتي برؤية مغايرة لما طرحناه لكن هنالك مفاصل تاريخية ولو خافية برهنت على تقبل هذا الأمر سواء بالتصريح او بالتلميح.

كما أن الإسلام لم يلغي ويجتث منظومة القيم والجوانب الحضارية للمناطق المفتوحة على العكس تماما مما فعله ويفعله الغرب فالإسلام يمتاز بروح التقبل للآخر وينطلق وفق مسار توافقي مع الشريعة الإسلامية السمحاء في تشذيب وتهذيب ما يجده في المناطق المفتوحة لان العلة الغائية للفتوحات هي توسيع رقعة التوحيد ونشر تعاليم الدين الإسلامي انطلاقا من مبدأ التسالم في البدء ثم الأنتقال المرحلي للقتال اذا انتفى الجانب الأول.

ولاندعي ملائكية جميع المسلمين في حركة الفتوحات الإسلامية فالكثير مما صدر منهم يسيء بشكل او بآخر لمنظومة القيم الإسلامية ألا اننا اذا وضعنا حركة الفتوحات الإسلامية مع العالم الغربي في كفتي ميزان نجد ان لا مجال للمقارنة حتى في الجانب الفكري إذ أن الإسلام بدخوله لبلاد فارس غير جوانب فكرية مظلمة كانت معشعشة في جنبات الامبراطورية الفارسية فجاء الإسلام عبر بوابة التثاقف الفكري المتمازج مع الآخر في اخذ المفيد وطرح غير المفيد جانبا للخروج بنتاجات تسهم في تكوين نموذج إسلامي يمكن القول فيه أنه فريد من نوعه سواء ان كان هذا الدين مقتبسا أو قابسا للطرف الآخر.

  وهذا يؤسس لنظرة تصحيحية أراد بعض المستشرقين تسقيطها وتأبيدها على الفتوحات الإسلامية لغايات وأسباب يطول شرحها هنا,  لكن الخشية من التمدد الإسلامي داخل المجتمع الأوربي دفعهم إلي تبني هذا الأمر في اطلاق صفة الوحشية على الفتوحات الإسلامية.

 لاسيما وان خطورة هذا الدين - كما يرون هم - تكمن في انفتاحه على الآخر بكل مايمتلك من مقومات التحاور الإيجابي السمح الجاذب للأنسان لحظيرة الإسلام آنيا أو مستقبليا منطلقاً من التأسيس القراني الضاغط في رسم البرنامج التحاوري التعاطي مع الآخر بدلالة ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل /125.

 فالدعوة القرآنية تتسم بالتعميم الشخصي / الزماني ، وما وجود المسلمين في اوربا بهذا الكم الهائل ألا مصداقا على ماندعيه من قول يؤرق ويوجس الغرب خيفة من هذا الدين .

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك