المقالات

معرفة العدوّ أوْلى من كسب صديق..


 

كوثر العزاوي ||

 

قد يستطيع الإنسان أن يعيش بمفرده دون الخوف على نفسه وإن كان ذلك مخالفًا للفطرة، فهو مدفوع بطبيعته الى مخالطة الآخرين من بني نوعه ليستعين بهم على توفير مقومات الحياة، لأنه إجتماعيّ الطبع ولابد له من أسرة ومعارف واصدقاء ينسجم معهم بالفكر والعقيدة والتوجّه ولو بمقدار معين تستمر معه الحياة بهدوء، ولكن الأهم من ذلك كله "ينبغي معرفة العدو وتشخيصه" ونحن نعيش اليوم عالَما مضطربا يموج بالأحداث والحوادث ومظاهر الشبهات لدرجة عدم وضوح الرؤية لدى الكثير، مايصعب معها تشخيص العدو الحقيقي من العدو الوهمي،

وهنا تتجلى الحاجة الماسة  للبصيرة والوعي للوصول إلى إدراك العدو الذي يشكّل تهديدا حقيقيا من خلال استهدافه البنى الانسانية والاخلاقية عبر الهجمات العسكرية والثقافية كما يحدث اليوم من غزو واستغلال واستغفال لعقول أبناء مجتمعنا بكل فئآته، بهدف جرّه الى التخلي عن عقيدته وأصالته وتمييع  قيمه، وبالتالي تضييع بوصلة فكره في زحمة الضخ التكنلوجي الحديث، تلك الأداة الناعمة المغرية التي تسيطر على توجيهها إدارة الاستكبار العالمي بحجة التقدم العلمي في مجالات الحياة المختلفة، ورغم تلك الهجمات وخطورتها إلا أن الغيور على قيَمهِ وفي زمن سقوط كثير من الأقنعة يستطيع تشخيص العدو بشكل واضح بالاستعانة والتوكل على الله تعالى وبفضل الحريصين على مستقبل الأمة ومتابعة توجيهاتهم وفقههم بشؤون البلدان ومايجري من احداث إذا كان يمتلك ذلك الإنسان الحرّ مناعة تحميه من السقوط في مستنقعات الرذيلة، وحصانة تمنعه من الوقوع في فخاخ الأعداء ومصائدهم، وهذا يحسب للعاقل الغيور سبقًا في مجال المعرفة وإدراك الحياة، فلاينبغي الاستخفاف بالعدو ظاهرًا وباطنًا، لأنه كدودة الأَرضة عندما تبدأ بالنخر فلا تشعر بوجودها إلاحينما يتهرأ هدفها ويبدو مشوّهًا ثم شيئا فشيئا يأخذ بالانهيار.

ونحن في مرحلة تسعى فيها دوائر الاستكبار والصهيونية وأدواتهم في الخارج والداخل لخلط الأوراق أمام الأعين وخطف اذهان المجتمع واستهلاك طاقاتهم بما فيهم شريحة الشباب عبر روافد متعددة ظاهرها فيها الرحمة وباطنها الخراب  ليصرفوا عقولهم عن الصديق الحقيقي في المنطقة والذي تربطنا معه روابط عقائدية وجغرافية عميقة بعمق التاريخ الحافل بأواصر الحب والدعم والتعاون، وتصويره بأنه العدو الاول، إضافة الى تشويه صور الرموز المشرقة من علماء ومؤسسات خصوصا الدينية منها  في الوقت الذي ثبت بالدليل العملي من هو العدو الحقيقي ومن الصديق، ومعرفة ذلك تتوقف على وعي المكلف وإصابة الهدف بعين البصيرة واليقظة.

فعن أمير المؤمنين عليّ"عليه السلام": (من نام عن عدّوه أنبهتهُ المكائد)

وهذه إشارة إلى أن الإنسان مهما تهاون وغفل عن تشخيص عدوه لابد له من يوم توقظه المكائد والمخططات التي حيكت له بخيوط من حرير بهدف تدميره وهو ذات ما نجده من تكريس القنوات  التلفزيونية ومواقع التواصل الإجتماعي كأفواه الأفاعي الفاغرة في بث سمومها عبر سلسلة من العروض الفنية من مقالب وبرامج ساخرة ومسلسلات مبتذلة ومناظر خادشة للحياء ، وكلها أهداف خطيرة الغرض منها تغييب العقل الإنساني وتلويث الفطرة السليمة!! لدرجة الغيبوبة حتى يستطيع العدو نيلَ مناه في سرقة جوهرة الإنسان الثمينة ومصادرة آدميته ، والله تعالى يقول :

(بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ)القيامة ١٤

فالبصيرة هنا بمعنى الحجة لان الإنسان وحده يعلم ميزان نفسه ويدرك حجمها، فأذا عرفها وأفقهَ مقدارها ألجمها وألزمها الأدب وهذبها على أسس الفضيلة، فلا عذر له والحجة ملقاة بضوابط السماء.

"ولات حين مندم" والله المستعان

 

١ شعبان ١٤٤٣هج

٥-٣-٢٠٢٢م

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك