المقالات

عتابة وسويحلي وراوتر..!

2177 2021-04-07

 

حمزة مصطفى ||

 

لا أعرف على وجه التحديد لماذا إقترن الليل بالعتابة. أفضل من يمكنه الإجابة عن هذا السؤال الراحل جبار عكار. وعكار مولود ربابي لانظير له الإ في عود نصير شمة وكمان فالح حسن وبحة صوت زهور حسين حين تتسلطن صادحة (لولا الغرام حاكم). هؤلاء علامات فارقة وماركات مسجلة ولا تحذروا  التقليد. بالعودة الى الليل والعتابة فإن أقرب مقاربة لهذا الإقتران الذي يعبر عنه بالمقولة المشهورة "جيب ليل وخذ عتابة" هو عدم وجود البدائل التي يمكن أن ينشغل بها الناس وفي المقدمة منها وسائل التواصل الإجتماعي إذا جاز التعبير آنذاك.

فماعدا الصحف التي لم يكن جبار عكار من قرائها فإن الراديو والتلفزيون لم يكونا قد وصلا وحتى لو كانا دخلا العراق (الإذاعة 1936) و(التلفزيون 1956) فإنهما لم  ينتشرا الإ في المدن الكبرى أول الأمر, فالريف لم تصله الكهرباء (بالنسبة للتفلزيون) الإ في ستينيات وسبعينيات القرن  الماضي. كان الليل هو (الونيس) الوحيد لأهالي الأرياف حيث "التعاليل" التي كانت تقوم  بكل ماتقوم  به الآن "السوشيال ميديا". الفارق الرئيس بين "تعلولة" أيام زمان التي كان بطلها في الغالب مطرب وربابة وبين "تعاليل" اليوم إنها كانت وجها لوجه  وعن قرب مع القهوة التي تبدأ من  المرور بحمد على متن قطار الليل وتنتهي في الشاي على وقع "خدري الجاي خدريه عيوني المن أخدره".

عقب إنتشار الميديا والسوشيال ميديا وآخرها تطبيق "كلوب هاوس" إختلفت صيغ العلاقات الإنسانية والإجتماعية. فالليل كان الحاضنة الأهم لكل علاقات التواصل بين الناس. والليل يبدأ  خصوصا  في الأرياف عند مغيب الشمس حيث لا مطاعم ديلفري ولا همبركر ولا كنتاكي تصلك عبر الماطور بعد أن تحجز بالموبايل نوع الوجبة التي تفضل. الوجبات  المتوفرة في كل بيت هي "المثرودة والخميعة والدبس والدهن وإستكانات الشاي ودلال القهوة التي ليست من نوع بن العميد أو الفرنسية أو رضا علوان, بالإضافة الى التمر واللبن وأحيانا الرائب.

أمام تلك المغريات آنذاك يصدح صوت عكار ومن يماثله من عازفي الرباب "هلك شالوا على مكحول ياشير". ومع تفاعل الحاضرين الذين تدور عليهم إستكانات الشاي وفناجين القهوة ينتقل  الى "التجليبة" شاكيا حاله مع  الليل الطويل "أجلبنك يليلي 12 تجليبة .. تنام المسعدة وتكول مدري به". المسعدة وحدها هي التي كانت تنام  بينما عازف الربابة بقي عاشقا نائحا صادحا حتى لم يعد الليل طويلا, ولم تعد هناك حاجة الى العتابة والسويحلي خصوصا في الهزيع الأخير من الليل قبيل طلوع الفجر. وحيث كان المرء  بحاجة الى أصدقاء كثر يتسامر معهم وجها لوجه صار له اليوم الآف  الأصدقاء الإفتراضيين الذي يتسامر معهم في كل الأوقات حيث لكل صديق توقيته الخاص لأنهم باتوا ملء الكرة الأرضية. ولأنهم لا عد لهم ولاحصر فإن علاقته معهم تبدأ مع  معرفة "الباسوورد" وتنتهي بوقف النت. الأمر يحتاج الى "ترسيت" الراوتر والإ فقدت كل أصدقائك الذين "تزامط بيهم" عـ "الخالي بلاش".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك