المقالات

وهل بقي نبض "يجسه" الطبيب؟

1417 2021-02-03

 

حمزة مصطفى ||

 

 بين عرّاف اليمامة الذي فشل في مداواة عروة بن حزام الى طبيب فهد بن بلان الذي جس نبضه ظهرت كل أنواع الأمراض الفتاكة وآخرها كوفيد 19 ونجله المستجد كوفيد 20. عروة بن حزام كان يعرف علته التي أعيت كبار النطاسيين في زمانه وعلى رأسهم عراف اليمامة الذي يتحداه عروة  "أقول لعراف اليمامة داوني  .. فإنك إن داويتني لطبيب". فهد بن بلان دعا طبيبه الذي جس نبضه الى ترك يده "إترك يدي ياسيدي أترك يدي.. إن التألم في كبدي". هو الآخر يعرف علته التي هي في كبده لا في يده. أبو فراس الحمداني عقد مقارنة ظالمة بين حاله وحال الحمامة.. "أيا جارتا لو تشعرين بحالي".

  نحن وبعد بعد كل هذه القرون التي تفصلنا عن عروة وأبي فراس عرفنا الكثير بمن في ذلك دموع الأمير الدمشقي التي كانت " غالية في الحوادث". نعرف طبقا للمؤرخين والنقاد أن أبا فراس إبن عم أمير حلب سيف الدولة  لم يكن يحب المتنبي. السبب خصومة صامتة بينهما على خولة أخت سيف الدولة. المتنبي يكابر هو الآخر مثل أبي فراس لكنه في لحظة ضعف أبلغ سيف الدولة أن مايراه عافية لم  يكن سوى علة مجهولة "أعيذها نظرات منك صادقة .. أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم". لا شراح ديوان المتنبي ولا سيف الدولة ولا خولة ولا نحن نعرف إن كان "ورم" المتنبي حميدا أم خبيثا. فلم يكن لدى نطاسيي ذاك الزمان مختبرات ولا مفراس ولا رنين.

بعكس فهد بلان الذي أبلغ الطبيب أن مكمن الداء في الكبد لا في اليد غرد داخل حسن بصوته المبحوح "ياطبيب صواب دلالي كلف .. لاتلجمه بحطة السماعة". هذا "الصواب الكلف" ترافقه دقات قلب عليل كانت "تنكطع مابين ساعة وساعة". لم يكن جبار عكار ولا عبد الجبار الدراجي بأحسن حال من زملائهم بعيدين عن الشكوى. أجسامهم كانت عليلة من الحب الذي كان عذريا قبل الفيس والإنستغرام والسناب شات والكاميرات. لم تكن ظهرت أمراض فتاكة لاتعرف "صاحب صديق" مثل سارس أو أيبولا أو أنلفوزا الطيورأوأيبولا أو كورنا ونيباه الذي طلع لنا صفح. جبارعكار يصرخ هاتفا "لقمان ماطيبك جرح البدلالي" بينما عبد الجبارالدراجي يرجو الطبيب أن يعوف جرحه  الأول الذي يبدو أن لا أمل فيه وينظر الى "جرح  الجديد عيونك تشوفه". عساه ماطيبكم. تعالوا شوفوا حالنا. أول من مات الإطباء قبل المرضى العشاق المعاميد.

كم كانوا بطرانين  عروة بن حزام والمتنبي وأبي فراس وفهد بلان وجبار عكار وداخل حسن وعبد الجبار الدراجي. أي جرح وأي نبض وأي ورم. نحن اليوم في "الزمان الترللي" على "كولة" أمير الشعراء أحمد شوقي الذي عبر عن خيبة أمل لا فرح حين جاءه ولد أسماه علي قائلا  "صار شوقي أبا علي .. في الزمان الترللي". هذا الزمان  الترللي بقدرماتقدم فيه الطب كثرت فيه الأمراض وكلها قاتلة. لم تعد الحالة مجرد جس نبض مع علبة براسيتول أو إبرة خبط بالوريد. أمراض بلا لقاح. وحين جاء اللقاح كثرت معه التأويلات والمخاوف والمحاذير, أخطرها التلاعب بالجينات. والجينات تعني أن يغني المتنبي "ياذيب ليش تعوي" ويرتجل جبار عكار قصيدة "على قدر أهل العزم تأتي العزائم". ويصدح أبو فراس عاليا .." ياطيرة طيري ياحمامة  وانزلي بدمر والهامة".

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك