المقالات

احتجاجات تشرين ومرض "الطفولة الثورية" في العراق


أحمد عبد السادة

 

يذكرني الحماس الثوري غير الواقعي لبعض المتظاهرين ومدوني التظاهرات في العراق - وبعضهم مثقفون وشيوعيون - بمصطلح "مرض الطفولة اليسارية" الذي أطلقه قائد الثورة البلشفية الشيوعية (ثورة أكتوبر) في روسيا فلاديمير لينين ضد خصومه ومنتقديه الشيوعيين الذين اعترضوا على قيام لينين بتوقيع "معاهدة بريست" مع دول المحور (ألمانيا والإمبراطورية العثمانية والنمسا وبلغاريا وهنغاريا)، تلك المعاهدة التي خرجت بموجبها روسيا البلشفية من الحرب العالمية الأولى مقابل تنازلها عن دول البلطيق لصالح ألمانيا وتنازلها عن مقاطعة "كارس أوبلاست" في جنوب القوقاز للإمبراطورية العثمانية.

لينين اضطر لوصف منتقديه آنذاك ب"الطفوليين اليساريين" أو "الطفوليين الثوريين" لأن هؤلاء المنتقدين له لم يستوعبوا ظروف وشروط المرحلة التي أعقبت نجاح الثورة البلشفية وسقوط النظام القيصري في روسيا، ولم يفهموا اضطرار "روسيا الثورة" إلى عقد هذه المعاهدة كإجراء تكتيكي مؤقت من أجل التقاط أنفاسها وترتيب أوراقها.

أقول هذا الكلام لأشير إلى العديد من المتظاهرين ومدوني التظاهرات الذين كانوا وما زالوا يستخدمون كلمة "الثورة" لتوصيف الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في الأول من تشرين الأول ضد الفساد السياسي في نظامنا الديمقراطي "الفاشل".

ولا شك أن هؤلاء المتظاهرين والمدونين (أصحاب الحماس الثوري) تنطبق عليهم تماماً تسمية "الطفوليين الثوريين" حسب توصيف لينين، وذلك لأن هؤلاء لم يفهموا ظروف وشروط الواقع السياسي العراقي ولم يستوعبوا بأن ما جرى منذ الأول من تشرين الأول 2019 ليس "ثورة" وإنما هو حركة احتجاجية ضد نظام ديمقراطي "فاسد" و"فاشل" ولا بد من إصلاحه، رغم ما اخترق تلك الحركة الاحتجاجية من أجندات سياسية وخارجية.

الواقع يقول إن الحل يتم عبر طريقين لا ثالث لهما: الأول هو تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي (وهذا أمر صعب حالياً)، والثاني هو إجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي وبقانون انتخابات جديد (وهو ما سيحدث)، أما "الثوريون" الذين ما زالوا يعيشون في أجواء الثورة الفرنسية والثورة البلشفية في زمن صناديق الاقتراع، فإن هؤلاء أجابهم لينين قبل أكثر من 100 سنة بقوله: أنتم يا رفاقي مجرد أطفال ثوريين لا أكثر ولا أقل!!

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك